الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في عتق السهام قال : قال مالك فيمن أعتق في مرضه عشرة أعبد وله ستون مملوكا قال مالك : يعتق منهم سدسهم بالسهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن ماتوا كلهم إلا عشرة أعبد ؟ قال : إذا ماتوا كلهم [ ص: 408 ] إلا عشرة أعبد فإن مالكا قال : إن كان الثلث يحملهم عتقوا كلهم هؤلاء العشرة جميعهم قلت : وإن كانت قيمة هؤلاء العشرة أكثر من قيمة هؤلاء الخمسين الذين ماتوا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، وإن كانوا أكثر قيمة .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنه إنما ينظر إلى عدد ما بقي منهم فإن بقي عشرة عتقوا جميعهم في الثلث إن حملهم الثلث وإن لم يحملهم الثلث عتق منهم مبلغ الثلث بالقرعة ورق منهم ما بقي .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كان بقي من ستين أحد عشر عبدا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يعتق منهم عشرة أجزاء من أحد عشر جزءا إن حمل ذلك الثلث بالقرعة قلت : فإن بقي منهم عشرون عبدا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يعتق منهم النصف بالقرعة ويرق ما بقي إن حمل الثلث نصفهم ، وأصل هذا القول أن ينظر إلى عدة من بقي فإن كانوا عشرة عتقوا كلهم وإن كان الذين بقوا عشرين عتق منهم نصفهم بالقرعة ، وإن كانوا ثلاثين أعتق ثلثهم بالقرعة ورق ما بقي منهم ، وإن لم يمت منهم أحد عتق منهم سدسهم .

                                                                                                                                                                                      قال : وهذا كله قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قال : والقرعة بين العبيد إنما هي على قيمتهم قال : وقال مالك : من أعتق رقيقا له بتلا عند موته لا يحملهم الثلث فإن هؤلاء يقرع بينهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : كيف يقرع بينهم في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن كانوا إن قسموا أينقسمون قسموا وأقرع بينهم على أي الأثلاث تقع وصية الميت فإذا أصاب ثلثا منها عتق وإن كانوا لا ينقسمون فإنهم يقومون جميعا ثم يسهم بينهم فمن خرج سهمه عتق ، وإن كان آخر من خرج منهم يكون أكثر من بقية الثلث عتق منه تمام الثلث ورق ما بقي وهذا قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : من قال : ثلث رقيقي أحرار أقرع بينهم فأخرج ثلث أولئك الرقيق وهو بمنزلة من قال : رقيقي كلهم أحرار ، وإن قال : نصفهم أو ثلثهم أحرار ، فكذلك يعمل فيهم بالقرعة إذا قال : نصفهم أو ثلثهم يقرع بينهم .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : من قال : رأس من رقيقي أو خمسة أو ستة أحرار ولم يسم بأعيانهم نظر إلى جملة الرقيق يوم يقوموا ثم ينظر إلى عدد ما سمى من رقيقه ، فإن كان قال : خمسة ، وهم ثلاثون أعتق سدسهم ، وإن كانوا عشرين أعتق ربعهم يقومون جميعا ثم يسهم بينهم فينظر إلى الذي خرج سهمه ، فإن كان هو كفاف الجزء الذي سمى من رقيقه عتق وحده ورقوا جميعا ، وإن كان أكثر عتق منه مبلغ ما سمى سدسهم أو ربعهم ورق منهم ما زاد على ذلك ورق جميعهم ، وإن لم يكن فيه كفاف لما سمى ضرب السهم الثانية ، فإن استكملوا ما سمى من السدس أو الربع وإلا ضرب بالسهم أيضا حتى يستكملوا ما سمى ، وإن خرج في ذلك أكثر عددا مما سمى من العدد بأضعاف إذا كان الذين يعتقون قيمتهم كفافا لما سمى أو الجزء وإنما يعتق منهم كفاف ما سمى من الجزء وإن كان ربعا أو سدسا بالسهم كان واحدا أو عشرين أو ثلاثين لا يلتفت في ذلك إلى العدد إذا كان فيما يبقى للورثة ثلاثة أرباعهم أو خمسة [ ص: 409 ] أسداسهم بقية الأجزاء على ما سمى وذلك إذا لم يترك مالا غيرهم ، وإن ترك مالا غيرهم استكملوا عتق جميع ما سمى في ثلث جميع ماله حتى يؤتى على جميع وصيته التي سمى على ما فسرت لك .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية