الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فارفع رأسك مكبرا وسائلا حاجتك وقائلا رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم أو ما أردت من الدعاء .

التالي السابق


ثم لما ذكر المصنف أن صدق الرجاء في رحمة الله تعالى أكيد في السجود عقبه بقوله: (فارفع رأسك) من السجود (مكبرا) ، أي: قائلا الله أكبر فاهما معناه، (وسائلا حاجتك) كما هو مقتضى حال الاضطرار والذل والضعف مع تحقق الرجاء، (وقائلا) بما أمرت بالدعاء في الجلسة بين السجدتين: (رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم) ، فإنك أنت الأعز الأكرم. قال صاحب القوت: روي ذلك عن ابن مسعود، (أو ما أردت من الدعاء) ، وتقدم للمصنف أولا: رب اغفر لي وارحمني واهدني، وارزقني واجبرني، وانعشني، وعافني واعف عني، وأيهما دعا به جاز، والأخير هو المشهور، وتقدم الكلام في رواياته، وأنه بمجموعها تحصل عشر كلمات جمعا بين الروايات، ومعنى ذلك: اغفر لي، أي: استرني من المخالفات حتى لا تعرف مكاني فتقصدني، وارحمني رحمة الإنسان في عين الوجوب بالتوفيق للعمل الصالح الموجب لرحمة الاختصاص، فيطلب العارف أخذها من عين الامتنان مع وصفه بالعصمة والحفظ عن المخالفة والخذلان، وارزقني يعني: من غذاء المعارف الذي تحيي به قلبي كما رزقتني من غذاء الجسوم بما أبقيت به هيكلي، واجبرني، الجبر لا يكون إلا بعد الكسر، تقول: اجعلني من المنكسرة قلوبهم حتى أفوز بلذة الجبر، واهدني، أي: وفقني للبيان عنك والترجمة حتى أخاطب عبادك بجوامع كلمك، وعافني من أمراض القلوب التي هي أغراضها، واعف عني، أي: قلل ما ينبغي أن يقلل وكثر ما ينبغي أن يكثر نيابة عني، فإني لا أستطيع التحرك لزمانتي مع إرادتي، والله أعلم .




الخدمات العلمية