الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وجمع عمر رضي الله عنه الناس عليها في ، الجماعة حيث أمن من الوجوب بانقطاع الوحي فقيل إن الجماعة أفضل لفعل عمر رضي الله عنه ولأن الاجتماع بركة وله فضيلة بدليل الفرائض ولأنه ربما يكسل في الانفراد وينشط عند مشاهدة الجمع .

وقيل : الانفراد أفضل لأن هذه سنة ليست من الشعائر كالعيدين فإلحاقها ، بصلاة الضحى ، وتحية المسجد أولى ، ولم تشرع فيها جماعة .

وقد جرت العادة بأن يدخل المسجد جمع معا ثم لم يصلوا التحية بالجماعة ولقوله صلى الله عليه وسلم : " فضل صلاة التطوع في بيته على صلاته في المسجد كفضل صلاة المكتوبة في المسجد على صلاته في البيت " .

التالي السابق


( وجمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس عليها، وحث) أي: حض وأكد ورغب ( على الجماعة) فيها. ( حيث) علم أن علة امتناعه صلى الله عليه وسلم منها جماعة؛ خشية الوجوب عليهم شفقة عليهم، وقد ( أمن) بعد ( من الوجوب) الذي كان يخشاه صلى الله عليه وسلم ( بانقطاع الوحي) ، وإكمال الدين ( فقيل) لأجل ذلك ( أن الجماعة أفضل) ، وقد تقدم عن النووي أنه قول الأكثرين، وأفضلية الجماعة لوجوه؛ أولا: ( لفعل عمر رضي الله عنه) ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي"، وسيدنا عمر منهم بإجماع الأمة، ( ولأن الاجتماع بركة) أي: سبب لها ( وله فضيلة) زائدة ( بدليل الفرائض) فإنها تصلى جماعة، ووقع الحث على ذلك. ( ولأنه ربما يكسل في الانفراد) أي: يغلب عليه الكسل في إقامتها إذا كان منفردا. ( وينشط عند مشاهدة الجمع) ، وهذا مشاهد، وقد روى البخاري وحده منفردا عن بقية الستة، عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: خرجت ليلة مع عمر في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله.

( وقيل: الانفراد أفضل) ؛ وذلك ( لأن هذه سنة ليست من الشعائر) الدينية ( كالعيدين، وإلحاقها بصلاة الضحى، وتحية المسجد أولى، ولم تشرع فيها) أي: في كل من صلاة الضحى، وتحية المسجد ( جماعة، وقد جرت العادة) واستمرت ( بأن يدخل المسجد) أحيانا ( جمع معا) في وقت واحد، ( ثم لم يصلوا التحية في جماعة) ، وإنما يصلون فرادى ( ولقوله صلى الله عليه وسلم: "فضل صلاة التطوع في بيته على صلاته في المسجد كفضل صلاة المكتوبة في المسجد على صلاته في البيت") .

قال العراقي : رواه آدم بن أبي إياس في كتاب الثواب من حديث ضمرة بن حبيب مرسلا، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف [ ص: 419 ] فجعله عن ضمرة بن حبيب، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم موقوفا، وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح من حديث زيد بن ثابت: "صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة". اهـ .

قلت: ولفظ أبي يعلى في مسنده "صلوا أيها الناس في بيوتكم؛ فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". وروى الدارقطني في الأفراد من حديث أنس، وجابر "صلوا في بيوتكم، ولا تتركوا النوافل فيها" وروى الطبراني في الكبير من حديث صهيب بن النعمان "فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس كفضل المكتوبة على النافلة"، وفي رواية: "فضل صلاة التطوع"، ورواه أبو الشيخ في الثواب بلفظ: "صلاة التطوع حيث لا يراه من الناس أحد مثل خمسة وعشرين صلاة حيث يراه الناس" قال الذهبي في التجريد: صهيب بن النعمان له حديث رواه عنه هلال بن يساف في الطبراني، تفرد به قيس بن الربيع. اهـ .

وقال الهيثمي: فيه محمد بن مصعب القرقساني، ضعفه ابن معين، وغيره، ووثقه أحمد، وعند ابن السكن: عن ضمرة بن حبيب، عن أبيه بلفظ: "فضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل وحده خمس وعشرون درجة، وفضل صلاة التطوع في البيت على فعلها في المسجد كفضل صلاة الجماعة على المنفرد".

قلت: وضمرة بن حبيب الزبيدي الحمصي، عن عوف، وشداد بن أوس، وأبي أمامة، وعنه أرطاة بن المنذر، ومعاوية بن صالح، وطائفة، وثقه ابن معين، روى له الأربعة أصحاب السنن .

وقوله: عن أبيه، هكذا هو في نسخ الجامع الصغير للسيوطي، وقال في الجامع الكبير: رواه ابن عساكر، عن عبد العزيز بن ضمرة بن حبيب، عن أبيه، عن جده .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن ضمرة بن حبيب، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تطوع الرجل في بيته يزيد على تطوعه عند الناس كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده".




الخدمات العلمية