الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بيان ما ينبغي أن يبادر إليه التائب إن جرى عليه ذنب ، إما عن قصد وشهوة غالبة ، أو عن إلمام بحكم الاتفاق .

اعلم أن الواجب عليه التوبة والندم والاشتغال بالتكفير بحسنة تضاده ، كما ذكرنا طريقه فإن لم تساعده النفس على العزم على الترك لغلبة الشهوة فقد عجز عن أحد الواجبين ، فلا ينبغي أن يترك الواجب الثاني وهو أن يدرأ بالحسنة السيئة ليمحوها فيكون ممن خلط عملا صالحا وآخر سيئا فالحسنات المكفرة للسيئات ; إما بالقلب وإما باللسان وإما بالجوارح ، ولتكن الحسنة في محل السيئة ، وفيما يتعلق بأسبابها .

فأما ; بالقلب فليكفره بالتضرع إلى الله تعالى في سؤال المغفرة والعفو ويتذلل تذلل العبد الآبق ويكون ذله بحيث يظهر لسائر العباد ، وذلك بنقصان كبره فيما بينهم فما للعبد الآبق المذنب وجه للتكبر على سائر العباد وكذلك يضمر بقلبه الخيرات للمسلمين ، والعزم على الطاعات .

وأما باللسان فبالاعتراف بالظلم : والاستغفار فيقول رب ظلمت نفسي وعملت سوءا فاغفر لي ذنوبي .

التالي السابق


(فصل)

في حال من عجز عن التوبة قال:

(بيان ما ينبغي أن يبادر إليه التائب إن جرى عليه ذنب، إما عن قصد وشهوة غالبة، أو عن إلمام بحكم) الاتفاق .

(اعلم) وفقك الله تعالى (أن) من وقع منه ذنب أو ذنوب، فإن (الواجب عليه التوبة والندم والاشتغال بالتكفير بحسنة تضاده، كما ذكرنا طريقه) آنفا (فإن) عجز، (ولم تساعده النفس على العزم على الترك لغلبة الشهوة) ، بل قهرته نفسه وشهوته، (فقد عجز عن أحد الواجبين، فلا ينبغي أن يترك الواجب الثاني) ، ولا يعجز عنه (وهو أن يدرأ بالحسنة السيئة) أي يدفعها بها (لتمحوها) وتزيلها (فيكون ممن خلط عملا صالحا وآخر سيئا) وهو حال المقتصدين (فالحسنات المكفرة) ، وفي نسخة: المكفرات (للسيئات; إما بالقلب وإما باللسان وإما بالجوارح، ولتكن الحسنة في محل السيئة، وفيما يتعلق بأسبابها; فإما بالقلب فليكفره بالتضرع إلى الله تعالى) ، والابتهال إليه (في سؤال المغفرة والعفو) عن باطن قلبه دون حركة اللسان فقط [ ص: 602 ] (ويتذلل) في نفسه (تذلل العبد الآبق) عن مولاه، (ويكون ذلك بحيث يظهر لسائر العباد، وذلك بنقصان كبره فيما بينهم) فيرى الناس كلهم خيرا منه (فما للعبد الآبق المذنب وجه للتكبر على العباد) ، والكبر والمعصية لا يجتمعان في قلب المؤمن، (وكذلك يضمر بقلبه الخيرات للمسلمين كلهم، والعزم على الطاعات) إلى آخر العمر، (وأما باللسان فبالاعتراف بالذنوب) أي يعترف بظلمه (لنفسه فقد جاء في تفسير قوله تعالى: خلطوا عملا صالحا قيل: الاعتراف بالذنوب والاستغفار) فقد ورد فضله في الكتاب والسنة (فيقول) ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو قوله: (رب ظلمت نفسي وعملت سوءا فاغفر لي ذنوبي) روى الديلي من حديث ابن عباس من قال: "لا إله إلا أنت، عملت سوءا، وظلمت نفسي، فاغفر لي، إنك خير الغافرين، غفرت له ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر أو يقول: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم" رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن حبان من حديث ابن عمر، قال: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة..... فذكره، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، وهذا لفظ أبي داود، وعند الثلاثة: التواب الغفور .

وفي رواية النسائي: اللهم اغفر لي وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الغفور.




الخدمات العلمية