الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
السبب الثالث الكبر وهو : أن يكون في طبعه أن يتكبر عليه ، ويستصغره ويستخدمه ، ويتوقع منه الانقياد له والمتابعة في أغراضه ، فإذا نال نعمة خاف أن لا يحتمل تكبره ، ويترفع عن متابعته أو ربما ، يتشوف إلى مساواته أو إلى أن يرتفع عليه ، فيعود متكبرا بعد أن كان متكبرا عليه ، ومن التكبر والتعزز ، كان حسد أكثر الكفار لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قالوا : كيف يتقدم علينا غلام يتيم وكيف نطأطئ رءوسنا ، فقالوا : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم .

أي : كان لا يثقل علينا أن نتواضع له ، ونتبعه إذا كان عظيما وقال تعالى يصف قول قريش : أهؤلاء من الله عليهم من بيننا كالاستحقار لهم ، والأنفة منهم .

التالي السابق


(السبب الثالث: أن يكون في طبعه أن يتكبر عليه، ويستصغره) ، ويستحقره [ ص: 65 ] (ويستخدمه، ويتوقع منه الانقياد له) في أموره (والمتابعة في أغراضه، فإذا نال نعمة خاف أن لا يحمل تكبره، ويترفع عن متابعته، وربما يتشوف) ، أي: يتطلع (إلى مساواته أو إلى أن يرتفع عليه، فيعود متكبرا بعد أن كان متكبرا عليه، ومن التعزز، والتكبر كان حسد أكثر الكفار لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قالوا: كيف يتقدم علينا غلام يتيم) من أبويه (وكيف نطأطئ له رؤوسنا، فقالوا: لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين ) يعني مكة، والطائف ( عظيم ، أي: كان لا يثقل علينا أن نتواضع له، ونتبعه) ، ويتقدم علينا (إذا كان عظيما) ، قال ابن إسحاق في السيرة: إن قائل ذلك الوليد بن المغيرة: أينزل على محمد وأترك، وأنا كبير قريش، ويترك أبو مسعود عمرو بن عمير الثقفي سيد ثقيف، فنحن عظيما القريتين؟ فأنزل الله، فيما بلغني هذه الآية، ورواه أبو محمد بن أبي حاتم، وابن مردويه في تفسيرهما من حديث ابن عباس: إلا أنهما قالا: مسعود بن عمرو، وفي رواية لابن مردويه: حبيب بن عمير الثقفي، وهو ضعيف، نقله العراقي (وقال الله تعالى يصف قول قريش: أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ) يشيرون إلى من اتبعه صلى الله عليه وسلم من المؤمنين (كالاستحقار لهم، والأنفة منهم) حملهم على ذلك التعزز، والكبر، والجبروت .




الخدمات العلمية