الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولا يسلم من دخل والخطيب يخطب ، فإن سلم لم يستحق جوابا والإشارة بالجواب حسن ولا يشمت العاطسين أيضا .

هذه شروط الصحة .

التالي السابق


(و) إذا قلنا بالقديم ، فإنه (لا يسلم من دخل والإمام يخطب ، فإن سلم لم يستحق جوابا) ، أي : حرمت إجابته باللفظ ، كما قاله الرافعي (والإشارة بالجواب حسن) مستحب (ولا يشمت العاطسين أيضا) ، واعلم أن في تشميت العاطس ثلاثة أوجه ؛ الصحيح المنصوص : تحريمه كرد السلام ، والثاني : استحبابه ، والثالث : يجوز ، ولا يستحب .

قال الرافعي : ولنا وجه أنه يرد السلام ؛ لأنه واجب ، ولا يشمت العاطس ؛ لأنه سنة ، فلا يترك لها الإنصات الواجب ، هذا تفريع القديم ، فأما إذا قلنا بالجديد ، فيجوز رد السلام ، والتشميت بلا خلاف ، ثم في رد السلام ثلاثة أوجه ؛ أصحها عند صاحب التهذيب وجوبه ، والثاني : استحبابه ، والثالث : جوازه بلا استحباب ، وقطع إمام الحرمين بأنه لا يجب الرد ، والأصح استحباب التشميت ، وحيث حرمنا الكلام فتكلم أثم ، ولا تبطل جمعته بلا خلاف ، وقال أصحابنا بعدم جواز رد السلام ، والتشميت روي عن محمد ، وروي عن أبي يوسف جوازهما ، وعن أبي حنيفة في غير رواية الأصول يرد بقلبه ، ولا يرد بلسانه ، وروى الحسن بن زياد ، عن أبي حنيفة أنه إذا سمع العاطس يحمد الله في نفسه ، ولا يجهر ، وعن محمد مثل ذلك .

قال : ولا يحرك شفتيه ، وفي النصاب : إذا شمت ، أو رد السلام في نفسه جاز ، وعليه الفتوى ، وفي الكبرى : الأصوب

[ ص: 232 ] أنه لا يجيب ، وبه يفتي ، وعلى الخلاف المبني بين محمد ، وأبي يوسف : إذا لم يرد السلام في الحال هل يرده بعد فراغ الإمام من الخطبة ؟ على قول محمد يرد ، وعلى قول أبي يوسف لا ، وأما إذا سمع الخطيب يقول : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه ، فقال الطحاوي : يجب عليه أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والمشهور عند الأصحاب أنه يصلي سرا في نفسه ؛ تحقيقا للإنصات ، وإحرازا للفضيلة .



(فصل)

وهل يحرم الكلام على الخطيب في حال خطبته ؟ قال الرافعي : فيه طريقان ؛ المذهب أنه لا يحرم قطعا ، والثاني : على القولين القديم ، والجديد ، ثم هذا في الكلام الذي لا يتعلق به غرض مهم ، فأما إذا رأى أعمى يقع في بئر ، أو عقربا يدب إلى إنسان فأنذره ، أو علم إنسانا شيئا من الخير ، أو نهاه عن منكر ، فهذا ليس بحرام بلا خلاف ، نص عليه الشافعي ، واتفق عليه الأصحاب على التصريح به ، لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة ، ولا يتكلم ما أمكن الاستغناء عنه ، وقال أصحابنا : إذا لم يتكلم بلسانه ، ولكنه أشار برأسه ، أو بيده ، أو بعينه هل يكره ذلك أم لا ؟ فمنهم من كرهه ، وسوى بين الإشارة والتكلم باللسان ، والصحيح أنه لا بأس ، كذا في فتح القدير ، وروى صاحب التجنيس ، عن ابن مسعود أنه سلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة ، وهو يخطب ، فرد عليه بالإشارة .




الخدمات العلمية