الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي الأولى أربع فرائض : التحميد وأقله الحمد لله .

والثانية : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .

والثالثة : الوصية بتقوى الله سبحانه وتعالى .

والرابعة : قراءة آية من القرآن .

التالي السابق


(وفي) الخطبة (الأولى أربع فرائض) ، أي : أركان (أولاها : التحميد) ، أي : حمد الله تعالى (وأقله الحمد لله) ، ويتعين لفظ الحمد ؛ لأنه الذي مضى عليه الناس سلفا ، وخلفا ، فلا يجزئ الشكر ، والثناء ، والمدح ، والعظمة ، ونحو ذلك ، ومنهم من قال : لا يتعين لفظ الحمد ؛ بل يجزئ الشكر ، والثناء ، والمدح ، والعظمة ، ونحو ذلك ، ومنهم من قال : لا يتعين لفظ الحمد ؛ بل يجزئ نحمد الله ، أو أحمد الله ، أو لك الحمد ، أو الله أحمد ، كما يؤخذ من التعليقة تبعا للحاوي ، وصرح الجيلي بإجزاء أنا حامد لله ، وهذا هو المعتمد ، وإن توقف فيه الأذرعي ، وقال : قضية كلام الشارحين تعين لفظ الحمد لله باللام . أهـ .

ويتعين لفظ الله قال الرافعي : ولو قال : الحمد للرحمن ، أو الرحيم ، فمقتضى كلام الغزالي أنه لا يكفيه ، ولم أره مسطورا ، وليس ببعيد ، كما في كلمة التكبير . أهـ . وجزم بذلك النووي في المجموع .

(والثانية : الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم) قال الرافعي : ويتعين لفظ الصلاة ، ويحكى في النهاية عن كلام بعض الأصحاب ما يوهم أنهما لا يتعينان ، ولم ينقله وجها مجزوما به ، ولو قال : والصلاة على محمد ، أو على النبي ، أو على رسول الله كفى . أهـ .

والذي في شرح المنهاج أنه لا يتعين لفظ الصلاة ، كما لا يتعين لفظ الحمد ، فلو قال : أصلي على محمد ، أو نصلي على أحمد ، أو الرسول ، أو الأمي ، أو العاقب ، أو الحاشر ، أو النذير أجزأ ، ولا يكفي رحم الله محمدا ، أو صلى الله عليه ، وصلى الله على جبريل ، ونحو ذلك قال القمولي في الجواهر : وفي وجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - إشكال ، فإن الخطبة المروية عنه - صلى الله عليه وسلم - ليس فيها ذكر الصلاة عليه ، لكنه فعل السلف ، والخلف ، ويبعد الاتفاق على فعل سنة دائما ، وقال : إن الشافعي - رضي الله عنه - تفرد بوجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة . أهـ .

ويدل له - رضي الله عنه - ما في دلائل النبوة للبيهقي ، عن أبي هريرة رفعه : قال الله تعالى : وجعلت أمتك لا تجوز عليهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ، ورسولي .

(والثالثة : الوصية بتقوى الله سبحانه ) ، وهل يتعين لفظ الوصية ، وجهان ؛ الصحيح المنصوص لا يتعين ؛ لأن الغرض الوعظ ، والحمل على طاعة الله ، فيكفي ما دل على الموعظة ، طويلا كان أو قصيرا ؛ كأطيعوا الله ، وراقبوه . قال إمام الحرمين : ولا خلاف في أنه لا يكفي الاقتصار على التحذير من الاغترار بالدنيا وزخارفها فإن ذلك قد يتواصى به منكرو الشرائع ؛ بل لا بد من الحمل على طاعة الله تعالى ، والمنع من المعاصي .

(والرابع : قراءة) القرآن ، وهو ركن على المشهور ، وقيل : على الصحيح ، والثاني

[ ص: 226 ] ليست بركن ؛ بل مستحبة ، وعلى الأول أقلها قراءة (آية من القرآن) نص عليه الشافعي ، سواء كانت وعدا ، أو وعيدا ، أو حكما ، أو قصة . قال إمام الحرمين : ولا يبعد الاكتفاء بشرط آية طويلة ، ولا شك أنه لو قال : ثم نظر لم يكف ، وإن عد آية ؛ بل يشترط كونها مفهمة .




الخدمات العلمية