الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإن ما رزق تعالى الملائكة من القرب ، والرتبة لازم مستمر على حال واحد لا يزيد ، ولا ينقص لذلك ؛ أخبر الله عنهم أنهم قالوا : وما منا إلا له مقام معلوم وفارق الإنسان الملائكة في الترقي من درجة إلى درجة فإنه لا يزال يتقرب إلى الله تعالى فيستفيد مزيد قربه وباب المزيد مسدود على الملائكة عليهم السلام وليس لكل واحد إلا رتبته التي هي وقف عليه .

وعبادته التي هو مشغول بها لا ينتقل إلى غيرها ولا يفتر عنها لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون .

التالي السابق


ثم قال المصنف : (فإن ما رزق الله الملائكة) ، وفي نسخة : فإن ما رزقته الملائكة (من القرب ، والرتبة لازم لهم مستمر على حال واحد لا يزيد ، ولا ينقص ؛ ولذلك أخبر الله عنهم أنهم قالوا : وما منا إلا له مقام معلوم ) ، أي : لا نتعداه (وفارق الإنسان الملائكة في الترقي من درجة إلى درجة) أخرى (فإنه لا يزال يتقرب إلى الله تعالى) ، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة : "لا يزال يتقرب إلي العبد بالنوافل حتى أكون سمعه . . . " الحديث (فيستفيد) بذلك (قربه) من الله تعالى (ومزيدا عليه إذ باب المزيد مسدود على الملائكة) - عليهم السلام - ، وفي نسخة : من الملائكة (وليس لكل واحد منهم إلا رتبته التي هي وقف عليه) ، أي : حبس عليه (وعبادته التي هو مشغول بها لا ينتقل إلى غيرها) منذ خلقهم الله تعالى (ولا يفتر) ، أي : لا يتكاسل (عنها) كما قال تعالى في وصفهم : لا يفتر عنهم ( ولا يستحسرون ) ، أي : ولا يكلون من طول المدى ( يسبحون الليل والنهار ) ، أي : أوقاتهما المستغرقة لهما ( لا يفترون ) ، وهذه العبارة بتمامها منتزعة من سياق القوت بنوع من التغيير . قال بعد أن ذكر الخبر المتقدم : وبذلك فضل المؤمن على الملائكة . قال أحسن القائلين في وصف أوليائه المؤمنين : التائبون العابدون الحامدون ففضل المؤمن في مقامات اليقين في أعمال القلوب على الأملاك بالتفضيل بأن جمعت له فيه ، ورفع مقامات فيها ، والملائكة لا ينتقلون ؛ بل كل ملك موقوف في مقام معلوم لا ينتقل عنه إلى غيره ؛ مثل الرضا ، والشكر ، والخوف ، والرجاء ، والشوق ، والمحبة ، والأنس ، والخشية ؛ بل كل ملك له مزيد ، وعلو من المقام الواحد على قدر قواه ، وجمع ذلك كله في قلب المؤمن ، ونقل فيه مقامات ، وكان له من كل مقام شهادات . أهـ .




الخدمات العلمية