الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن رمى صيدا فأثبته ، ثم رماه آخر فقتله : لم يحل . ولمن أثبته قيمته مجروحا على قاتله . إلا أن يصيب الأول مقتله [ ص: 415 ] دون الثاني ، أو يصيب الثاني مذبحه : فيحل . وعلى الثاني ما خرق من جلده ) . هذا المذهب بلا ريب . وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في الفروع ، وغيره ، ويحتمل أن يحل مطلقا . ذكره في الواضح . وقال في الترغيب : إن أصاب مذبحه ، ولم يقصد الذبح : لم يحل . وإن قصده فهو ذبح ملك غيره بلا إذنه ، يحل على الصحيح . مأخذهما : هل يكفي قصد الذبح أم لا بد من قصد الإحلال ؟ . قوله " وعلى الثاني : ما خرق من جلده " . يعني : إذا أصاب الأول مقتله . أو كان جرحه موجبا ، أو أصاب الثاني مذبحه ، وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في الفروع ، وغيره . وقال في المغني فيما إذا أصاب الثاني مذبحه عليه أرش ذبحه كما لو ذبح شاة لغيره . قال الزركشي : وهو أصوب في النظر . قال في المنتخب : على الثاني ما نقص بذبحه ، كشاة الغير .

وقال في الترغيب : وعلى الثاني ما بين كونه حيا مجروحا وبين كونه مذبوحا . وإلا قيمته بجرح الأول فوائد الأولى : لو أدرك الأول ذكاته ، فلم يذكه حتى مات ، فقيل : يضمنه . كالأولى . [ ص: 416 ] قدمه في الرعايتين ، والحاويين ، وصححه في تصحيح المحرر ، واختار المجد في محرره : يضمن نصف قيمته مجروحا بالجرح الأول ، لا غير . قال في الفروع : وهو أولى . وقال القاضي : يضمن نصف قيمته مجروحا بالجرحين ، مع أرش ما نقصه بجرحه . وأطلقهن في المحرر والفروع ، والزركشي . فلو كانت قيمته عشرة ، فنقصه كل جرح عشرا : لزمه على الأول تسعة . وعلى الثاني : أربعة ونصف . وعلى الثالث : خمسة . فلو كان عبد أو شاة للغير ، ولم يوجباه وسريا : تعين الأخيران . ولزم الثاني عليهما ذلك . وكذا الأول على الثالث ، وعلى الثاني بقية قيمته سليما . الثانية : لو أصاباه معا ، حل بينهما : كذبحه مشتركين .

وكذا لو أصابه واحد بعد واحد ، ووجداه ميتا وجهل قاتله . فإن قال الأول : أنا أثبته ، ثم قتلته أنت فتضمنه : لم يحل ; لاتفاقهما على تحريمه . ويتحالفان . ولا ضمان . فإن قال : لم نثبته قبل قوله ; لأن الأصل الامتناع . ذكر ذلك في المنتخب . وقال في الترغيب : متى تشاقا في إصابته وصفتها ، أو احتمل إثباته بهما أو بأحدهما لا بعينه : فهو بينهما . ولو أن رمي أحدهما لو انفرد أثبته وحده . فهو له . ولا يضمن الآخر . ولو أن رمي أحدهما موح ، واحتمل الآخر : احتمل أنه بينهما ، واحتمل أن نصفه للموحي ، ونصفه الآخر بينهما . ولو وجد ميتا موحيا وترتبا ، وجهل السابق : حرم . [ ص: 417 ] وإن ثبت بهما ، لكن عقب الثاني ، وترتبا ، فهل هو للثاني ، أو بينهما ؟ يحتمل وجهين . ونقل ابن الحكم : إن أصاباه جميعا ، فذكياه جميعا : حل . وإن ذكاه أحدهما فلا . الثالثة : لو رماه فأثبته : ملكه ، كما تقدم . ولو رماه مرة أخرى فقتله : حرم . لأنه مقدور عليه . وهو المذهب بالشروط المتقدمة في أصل المسألة . وقال القاضي في الخلاف : يحل . وذكره رواية . وكذا لو أوحاه الثاني بعد إيحاء الأول : فيه الروايتان .

التالي السابق


الخدمات العلمية