الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن خر رجل في زبية أسد . فجذب آخر ، وجذب الثاني ثالثا . وجذب الثالث رابعا . فقتلهم الأسد فالقياس : أن دم الأول هدر ، وعلى عاقلته دية الثاني . وعلى عاقلة الثاني دية الثالث . وعلى عاقلة الثالث دية الرابع ) . [ ص: 47 ] وهذا المذهب . جزم به في الوجيز . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم . وفيه وجه آخر : أن دية الثالث على عاقلة الأول والثاني نصفان . ودية الرابع على عاقلة الثلاثة أثلاثا . وقيل : دية الثالث على الثاني خاصة . وقال في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة ، وإدراك الغاية : مقتضى القياس أن يجب لكل واحد دية نفسه ، إلا أن دية الأول تجب على الثاني والثالث ; لأنه مات من جذبته وجذبة الثاني للثالث ، وجذبة الثالث للرابع . فسقط فعل نفسه . وأما دية الثاني : فتجب على الثالث والأول نصفين .

وأما دية الثالث : فتجب على الثاني خاصة . وقيل : بل على الأول والثاني . وأما دية الرابع : فهي على الثالث في أحد الوجهين ، وقدمه في الخلاصة . وفي الآخر : تجب على الثلاثة أثلاثا . انتهوا . قال في الرعاية : هذا القياس . قال في المذهب : لما قدم ما قاله علي رضي الله عنها . قال : والقياس غير ذلك . وروي عن علي رضي الله عنه : أنه قضى للأول بربع الدية . وللثاني بثلثها . وللثالث بنصفها . وللرابع بكمالها على من حضر . ثم رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجاز قضاءه . فذهب الإمام أحمد رحمه الله إليه توقيفا ، وجزم به الأدمي في منتخبه ، وقدمه في الهداية ، والمذهب ، وإدراك الغاية ، وغيرهم . [ ص: 48 ] قال في المحرر ، والرعايتين ، والنظم ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم في خبر علي رضي الله عنه وجعله على قبائل الذين ازدحموا . قال في المستوعب : قضى للأول بربع الدية ; لأنه هلك فوقه ثلاثة . وللثاني بثلثها . لأنه هلك فوقه اثنان . وللثالث بنصفها . لأنه هلك فوقه واحد . وللرابع بكمالها .

تنبيه : حكى المصنف هنا : ما روي عن علي رضي الله عنه ، فيما إذا خر رجل في زبية أسد فجذب آخر إلى آخره . وكذا قال في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، وجماعة . وذكر في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم : هذه المسألة . ثم قالوا : ولو تدافع وتزاحم عند الحفرة جماعة . فسقط منهم أربعة فيها متجاذبين كما وصفنا . فهي الصورة التي قضى فيها علي رضي الله عنه . فصورة علي رضي الله عنه التي حكاها هؤلاء ، جزم بها وبحكمها في المحرر ، والحاوي الصغير . مع حكايتهما الخلاف في مسألة المصنف ، وقدم ما جزما به في الرعايتين ، وغيره . وأما صاحب الفروع : فإنه ذكر المسألة الأولى ، وهي مسألة المصنف . وذكر الخلاف فيها . ثم قال : وكذا إن ازدحم وتدافع جماعة عند الحفرة ، فوقع أربعة متجاذبين فظاهره : إجراء الخلاف في المسألتين ، وأنهما في الخلاف سواء . وهو أولى . ويدل عليه كلام المصنف ، وصاحب الهداية ، وغيرهما . لكونهم جعلوا ما روي عن علي رضي الله عنه في ذلك . والله أعلم .

فائدة : ونقل جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله : أن ستة تغاطسوا في الفرات فمات واحد . فرفع إلى علي رضي الله عنه ، فشهد رجلان على ثلاثة ، وثلاثة على [ ص: 49 ] اثنين ، فقضى بخمسي الدية على الثلاثة ، وبثلاثة أخماسها على الاثنين . ذكره الخلال وصاحبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية