الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تنبيه : قوله ( وأما ما ليس بمحدد : كالبندق ، والحجر ، والعصي والشبكة ، والفخ : فلا يباح ما قتل به ; لأنه وقيذ ) . قال الأصحاب : ولو شدخه . ونقله الميموني . ولو قطعت حلقومه ومريئه . ولو خرقه : لم يحل . نقله حرب . فأما إن كان له حد كصوان فهو كالمعراض . قاله في المغني ، والشرح ، والفروع ، وغيرهم . قوله ( النوع الثاني : الجارحة . فيباح ما قتلته إذا كانت معلمة . إلا الكلب الأسود البهيم ) . فالأسود البهيم : هو الذي لا بياض فيه على الصحيح من المذهب ، نص عليه . وعليه أكثر الأصحاب ، وقدمه في الفروع ، وغيره . قال في الرعاية هنا : وهو ما لا بياض فيه في الأشهر . قال المصنف ، وغيره : هو الذي لا يخالط لونه لون سواه . [ ص: 428 ] وقال أيضا : لو كان بين عينيه نكتتان تخالفان لونه : لم يخرج بهما عن البهيم وأحكامه . قال الشارح : هو الذي لا لون فيه سوى السواد . وحكاه في الرعاية ، والفروع قولا غير الأول . وعنه : إن كان بين عينيه بياض : لم يخرج بذلك عن كونه بهيما . ويأتي كلامه في المغني ، واختاره المجد في شرحه ، وصححه ابن تميم . وتقدم ذلك في أواخر " باب صفة الصلاة " .

فائدة : قوله ( فلا يباح صيده ) ، نص عليه ; لأنه شيطان . فهو العلة ، والسواد علامة ، كما يقال : إذا رأيت صاحب السلاح فاقتله ، فإنه مرتد . فالعلة الردة . إذا علمت ذلك ، فالصحيح من المذهب : أن صيده محرم مطلقا . وعليه الأصحاب ، ونص عليه ، وقطع به أكثر الأصحاب ، وقدمه في الفروع . وهو من مفردات المذهب . ونقل إسماعيل بن سعيد الكراهة . وعنه : ومثله ما بين عينيه بياض ، جزم به المصنف في المغني ، واختاره المجد هنا ، كما تقدم . ذكره في الفروع ، وظاهر كلامه : أن ما بين عينيه بياض لا يسمى بهيما قولا واحدا . [ ص: 429 ] ولكن هل يلحق في الحكم به ، أو لا ؟ وكثير من الأصحاب يحكي الخلاف في البهيم : ويذكر الرواية الثانية كما تقدم .

فائدة : يحرم اقتناؤه قولا واحدا . قاله جماعة من الأصحاب للأمر بقتله . قال في الفروع : فدل على وجوبه . وذكره الشيخ هنا . وذكر الأكثر إباحته ، يعني : إباحة قتله . ونقل موسى بن سعيد : لا بأس عليه . وقد قال الأصحاب : يحرم اقتناء الخنزير والانتفاع به . قال : ولم أجد أحدا صرح بوجوب قتله . نقل أبو طالب : لا بأس . ويؤخذ من كلام أبي الخطاب وغيره : أن الكلب العقور مثل الكلب الأسود البهيم ، إلا في قطع الصلاة . وهو متجه وأولى ; لقتله في الحرم . قال في الغنية : يحرم تركه قولا واحدا . ويجب قتله لدفع شره عن الناس . ودعوى نسخ القتل مطلقا ، إلا المؤذي : دعوى بلا برهان . ويقابله قتل الكل . انتهى . كلام صاحب الفروع . وأما ما لا يباح اقتناؤه ولا أذى فيه ، فقال المصنف : لا يباح قتله . وقيل : يكره فقط ، اختاره المجد . وهو ظاهر كلام الخرقي . وتقدم المباح من الكلاب في " باب الموصى به " .

التالي السابق


الخدمات العلمية