الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
501 - " إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة؛ فليناد: يا عباد الله؛ احبسوا علي دابتي؛ فإن لله في الأرض حاضرا؛ سيحبسه عليكم " ؛ (ع)؛ وابن السني ؛ (طب)؛ عن ابن مسعود .

التالي السابق


(إذا انفلتت دابة أحدكم) ؛ كفرسه؛ أو بعيره؛ أي: فرت؛ وخرجت مسرعة؛ يقال: " انفلت الطائر وغيره" ؛ تخلص وانطلق؛ (بأرض) ؛ بالتنوين؛ (فلاة) ؛ أي: صحراء؛ واسعة؛ ليس فيها أحد؛ ففي القاموس: " الفلاة" : القفر؛ أو المفازة؛ لا ماء فيها؛ أو الصحراء الواسعة؛ انتهى؛ والمراد هنا: الأخير؛ (فليناد) ؛ أي: بأعلى صوته؛ (يا عباد الله؛ احبسوا علي دابتي) ؛ أي: امنعوها من الهرب؛ وعلله بقوله: (فإن لله في الأرض حاضرا) ؛ أي: خلقا من خلقه؛ إنسيا؛ أو جنيا؛ أو ملكا؛ لا يغيب؛ (سيحبسه عليكم) ؛ يعني: الحيوان المنفلت؛ فإذا قال ذلك بنية صادقة؛ وتوجه تام؛ حصل المراد؛ بعون الجواد؛ ويظهر أن المراد بالدابة ما يشمل كل حيوان؛ كثور؛ أو ظبي؛ بل يحتمل شموله للعبد؛ ونحوه؛ قال النووي - عقب إيراده هذا الحديث -: حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه انفلتت له دابة أظنها بغلة؛ فقال هذا الحديث؛ فحبسها الله عليه حالا؛ قال: وكنت أنا مرة مع جماعة؛ فانفلتت بهيمة؛ وعجزوا عنها؛ فقلته؛ فوقفت في الحال؛ بغير سبب سوى هذا؛ وأخرج ابن السني عن السيد الجليل المجمع على زهده وورعه يونس بن عبيد التابعي المشهور؛ قال: ليس رجل يكون على دابة صعبة فيقول في أذنها: أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون ؛ إلا وقفت بإذن الله؛ وقال القشيري: وقع لجعفر الخلدي فص في دجلة؛ وعنده دعاء مجرب للضالة ترد؛ فدعا به فوجده في أوراق يتصفحها؛ وهو: " يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه؛ اجمع علي ضالتي" ؛ وقال النووي في بستانه: جربته فوجدته نافعا لوجود الضالة عن قرب؛ وقد علمنيه شيخنا أبو البقاء ؛ انتهى؛ وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن لله ملائكة في الأرض يسمون " الحفظة" ؛ يكتبون ما يقع في الأرض من ورق الشجر؛ فإذا أصاب أحدكم عرجة أو احتاج إلى عون بفلاة من الأرض؛ فليقل: " أعينوا عباد الله؛ رحمكم الله" ؛ فإنه إن شاء الله يعان.

(ع؛ وابن السني ؛ طب) ؛ من حديث الحسن بن عمر ؛ عن معروف بن حسان ؛ عن سعيد بن أبي عروبة ؛ عن أبي بريدة ؛ (عن ابن مسعود ) - رضي الله عنه -؛ قال ابن حجر: حديث غريب؛ ومعروف قالوا: منكر الحديث؛ وقد تفرد به؛ وفيه انقطاع أيضا؛ بين أبي بريدة ؛ وابن مسعود ؛ انتهى؛ وقال الهيتمي: فيه معروف بن حسان ؛ ضعيف؛ قال: وجاء في معناه خبر آخر؛ أخرجه الطبراني بسند منقطع؛ عن عتبة بن غزوان ؛ مرفوعا: " إذا أضل أحدكم شيئا؛ أو أراد عونا؛ وهو بأرض ليس بها أنيس؛ فليقل: يا عباد الله أعينوني؛ ثلاثا؛ فإن لله عبادا لا يراهم" ؛ وقد جرب ذلك؛ كذا في الأصل؛ ولم أعرف تعيين قائله؛ ولعله مصنف المعجم.



الخدمات العلمية