الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
174 - " اجتنبوا التكبر؛ فإن العبد لا يزال يتكبر حتى يقول الله (تعالى): اكتبوا عبدي هذا في الجبارين " ؛ أبو بكر بن لال؛ في مكارم الأخلاق؛ عبد الغني بن سعيد ؛ في إيضاح الإشكال؛ (عد)؛ عن أبي أمامة .

التالي السابق


(اجتنبوا التكبر) ؛ بمثناة فوقية؛ قبل الكاف؛ بخط المؤلف؛ فما في بعض النسخ من إسقاطها؛ من تحريف النساخ وهو تعظيم المرء نفسه؛ واحتقار غيره؛ والأنفة مساواته؛ وينشأ عنه الغضب؛ لأن غيره إذا ساواه غضب؛ والحقد؛ لما أضمره المرء في نفسه من الترفع على من تكبر عليه؛ والغش لأنه لا ينصح من تكبر عليه إذ قصده كون غيره معيبا؛ منقوصا؛ وآفات الكبر كثيرة؛ وما من خلق ذميم إلا والكبر محتاج إليه؛ مصاحب له؛ وقلما ينفك عنه العلماء؛ بل والعباد [ ص: 155 ] والزهاد؛ إذ يعجبون بكثرة أتباعهم؛ وربما سار الواحد وأتباعه حوله؛ ولو انفرد ساءه ذلك؛ ولو لم يكن من الوعيد للمتكبر إلا نفي محبة الله له؛ في النصوص القرآنية؛ وخبر: " لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر" ؛ لكفى؛ (فإن العبد) ؛ الإنسان؛ (لا يزال يتكبر حتى يقول الله - تعالى) ؛ لملائكته: (اكتبوا عبدي) ؛ وفي رواية: " عبدي هذا" ؛ المتعدي طوره؛ الذي نازع ربه رداءه؛ وتعرض للمقت والهلاك؛ (في) ؛ الإضافة للملك؛ لا للتشريف؛ (الجبارين) ؛ جمع " جبار" ؛ وهو المتكبر العاتي؛ وكفى بذلك إعلاما باستقباح الاستكبار؛ كيف [لا]؛ وهو يفضي بصاحبه إلى - بئس القرار - النار؟ وقد أفلح من هدي إلى تجنبه؛ وفاز بخيري الدنيا؛ والآخرة؛ وترك الكبر داع إلى السلامة من شر الناس؛ فينتفي عنه بتركه ما يترتب عليه من أنواع الأذى؛ وضروب المهالك؛ قال الشافعي : التواضع من أخلاق الكرام؛ والتكبر من أخلاق اللئام؛ وأرفع الناس قدرا من لا يرى قدره؛ وأكبرهم فضلا من لا يرى فضله؛ وقال القاضي أبو الطيب: من تصدى قبل أوانه؛ فقد تصدى لهوانه؛ وفي الشعب: من رضي أن يكون ذنبا؛ أبى الله إلا أن يجعله رأسا؛ وقال الماوردي : الكبر يكسب المقت؛ ويلهي عن التأله؛ ويوغر صدور الإخوان.

( أبو بكر ) ؛ أحمد بن علي بن أحمد ؛ ( ابن لال ) ؛ قال الكمال: ومعنى " لال" ؛ أخرس؛ وهو أبو بكر الهمداني؛ من أهل القرن الرابع؛ فقيه شافعي؛ تفقه على أبي إسحاق وغيره؛ وله مؤلفات كثيرة في الحديث؛ قالوا: والدعاء عند قبره مستجاب؛ (في) ؛ كتابه؛ (مكارم الأخلاق) ؛ أي: فيما ورد في فضلها؛ (وعبد الغني بن سعيد ) ؛ الحافظ المشهور؛ (في) ؛ كتاب؛ (إيضاح الإشكال؛ عد) ؛ كلهم (عن أبي أمامة) ؛ الباهلي ؛ وفيه عثمان بن أبي عاتكة ؛ ضعفه النسائي وغيره؛ وهو علي بن يزيد الألهاني؛ قال في التقريب: ضعيف؛ والقاسم بن عبد الرحمن صدوق؛ لكنه يغرب كثيرا.



الخدمات العلمية