الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
144 - " اتقوا النار ولو بشق تمرة؛ فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة " ؛ (حم ق) ؛ عن عدي .

التالي السابق


(اتقوا النار) ؛ أي: احترزوا منها بالتقوى؛ التي هي تجنب المخالفات؛ لئلا يصيبكم ويواقعكم عذابها؛ قال الحراني : و" جهنم" ؛ هي عدة الملك الديان لأهل العصيان؛ بمنزلة سيف الملك من ملوك الدنيا؛ (ولو بشق تمرة) ؛ واحدة؛ فإنه يسد الرمق؛ (فإن لم تجدوا) ؛ ما تتصدقون به؛ حتى التافه؛ لفقده حسا؛ أو شرعا؛ (فبكلمة) ؛ أي: فاتقوا النار بكلمة (طيبة) ؛ تطيب قلب السائل مما يتلطف به في القول والفعل؛ فإن ذلك سبب للنجاة من النار؛ وقيل: الكلمة الطيبة ما يدل على هدى؛ أو يرد عن ردى؛ أو يصلح بين اثنين؛ أو يفصل بين متنازعين؛ أو يحل مشكلا؛ أو يكشف غامضا؛ أو يدفع تأثيرا؛ أو يسكن غضبا؛ واستدل الشافعية بهذا الخبر وما قبله على أنه لو قال: " لزيد عندي شيء" ؛ وفسره بما لا يتمول؛ كحبة بر؛ وشق تمرة؛ قبل. (تتمة) : قال ابن عربي: وشي ببعض شيوخنا بالمغرب عند السلطان في أمر فيه هلاكه؛ فأمر بعقد مجلس؛ وأن الناس إن أجمعوا على حل [ ص: 139 ] قتله؛ قتل؛ فجمعوا؛ فاجتمعوا؛ فأحضرهم ليشهدوا في وجهه؛ فيقتل؛ فلم يستطع أحد منهم أن يشهد؛ فسئل الشيخ بعد؛ فقال: تذكرت النار؛ فرأيتها أقوى من الناس غضبا؛ وتذكرت نصف رغيف؛ فرأيته أكثر من نصف تمرة؛ فأسكت غضبهم بالتصدق بنصف رغيف في طريقي؛ فدفعت الأقل من النار بالأكثر من شق تمرة؛ وفي رواية للخطيب بدل " طيبة" ؛ " لينة" ؛ وفيه حث على الصدقة بما قل؛ وجل؛ وألا يحتقر ما يتصدق به؛ وأن اليسير من الصدقة يستر المتصدق من النار.

(حم ق؛ عن عدي ) ؛ ابن حاتم؛ قال: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النار؛ فتعوذ منها؛ وأشاح بوجهه ثلاثا؛ ثم ذكره.



الخدمات العلمية