الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
20 - " (آمين) ؛ خاتم رب العالمين على لسان عباده المؤمنين " ؛ (عد طب) ؛ في الدعاء؛ عن أبي هريرة ؛ (ض).

التالي السابق


(آمين) ؛ صوت سمي به الفعل الذي هو " استجب" ؛ مبني على الفتح؛ كـ " أين" ؛ لالتقاء الساكنين؛ يمد ويقصر؛ وأصله القصر؛ ومد ليرتفع الصوت بالدعاء؛ ذكره ابن خالويه؛ وزعم ابن درستويه أن القصر غير معروف؛ وإنما قصر الشاعر في قوله:


تباعد عنا فطحل إذ سألته ... أمين فزاد الله ما بيننا بعدا



للضرورة؛ قال ابن الكمال: وهو وهم؛ إذ لا ضرورة؛ فإنه لو قدم الفاء؛ وقيل:


................... ... فآمين زاد الله ما بيننا بعدا



اندفعت الضرورة؛ وتشديد ميمه لحن؛ وربما فعله العامة؛ وأما ولا آمين البيت الحرام ؛ فمعناه: قاصدين؛ (خاتم) ؛ بفتح التاء؛ وكسرها؛ وفيه عشر لغات؛ ذكر منها خمسة ابن مالك في بيت واحد؛ (رب العالمين) ؛ أي: هو خاتم دعاء رب العالمين؛ بمعنى أنه يمنع الدعاء من فساد الخيبة؛ والرد؛ كما أن الطابع على الكتاب يمنع فساد ظهور ما فيه على الغير؛ ذكره التفتازاني؛ وفي خبر أبي داود أن المصطفى [ ص: 60 ] - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا يدعو؛ فقال: " أوجب إن ختم بآمين" ؛ و" الرب" : مصدر بمعنى: " التربية" ؛ وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا؛ وصف به الفاعل مبالغة وصف بالعدل؛ وقيل: صفة مشبهة؛ سمي به المالك لكونه يحفظ ما يملكه؛ ويربيه؛ ولا يطلق على غيره (تعالى) إلا مقيدا؛ كـ " رب الدار" ؛ ثم إن ربوبيته (تعالى) بمعنى الخالقية والمالكية والمعبودية عامة؛ وبمعنى التربية والإصلاح خاصة؛ تتفاوت بسبب أنواع الموجودات؛ فهو مربي الأجساد بأنواع نعته؛ ومربي الأرواح بأصناف كرمه؛ ومربي نفوس العابدين بأحكام الشريعة؛ ومربي قلوب العارفين بآداب الطريقة؛ ومربي أسرار الأبرار بأنواع الحقيقة؛ و" العالمون" ؛ جمع " عالم" ؛ وهو من كلام أهل اللسان؛ اسم لنوع من المخلوقين؛ فيه علامة يمتاز بها عن خلافه من الأنواع؛ كملك؛ وإنس؛ وجن؛ وهو جمع لا واحد له من لفظه؛ قال الشريف: ويطلق على كل جنس؛ لا فرد؛ فهو للقدر المشترك بين الأجناس؛ (على لسان عباده المؤمنين) ؛ أي: هو طابع الله على نطق ألسنة عباده؛ لأن العاهات والبلايا تندفع به؛ إذ " الختم" : الطبع؛ أي: الأثر الحاصل عن نفس؛ ويتجوز به عن الاستيثاق من الشيء؛ والمنع منه؛ نظرا إلى ما يحصل بالختم على الكتب والأبواب من المنع؛ فالختم جار مجرى الكتابة عن حفظه؛ وإضافة المؤمنين إليه للتشريف؛ وذكر ابن المنير؛ عن الضحاك ؛ أن " آمين" ؛ أربعة أحرف؛ مقتطعة من أسماء الله (تعالى)؛ وهو خاتم رب العالمين؛ يختم به براءة أهل الجنة؛ وأهل النار؛ وهي الجائزة التي تجيز أهل الجنة؛ والنار؛ وخرج بـ " المؤمنين" ؛ الكافرون؛ فختمهم إياه بآمين لا يمنعه من الخيبة؛ والحرمان؛ بل ذهب جمع إلى عدم استجابته؛ تمسكا بظاهر قوله (تعالى): وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ؛ لكن الجمهور على خلافه.

(عد طب في) ؛ كتاب (الدعاء) ؛ وكذا الديلمي وابن مردويه ؛ (عن أبي هريرة ) ؛ وفيه مؤمل الثقفي؛ أورده الذهبي في الضعفاء؛ عن أبي أمية بن يعلى الثقفي: لا شيء؛ ومن ثم قال المؤلف في حاشية الشفاء: إسناده ضعيف؛ ولم يرمز له هنا بشيء.



الخدمات العلمية