الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
447 - " إذا اشتكى المؤمن؛ أخلصه من الذنوب؛ كما يخلص الكير خبث الحديد " ؛ (خد حب طس) ؛ عن عائشة .

التالي السابق


(إذا اشتكى المؤمن) ؛ أي: أخبر عما يقاسيه من ألم المرض؛ هذا أصله؛ والمراد هنا: إذا مرض؛ سمي المرض " شكوى" ؛ لأنه يشكو منه غالبا إلى غيره؛ وقوله: " المؤمن" ؛ إشارة إلى البالغ في الإيمان؛ الذي كملت فيه أخلاقه؛ لأنه الذي يتلقاه بحسن صبر؛ ورضا؛ (أخلصه) ؛ ذلك؛ (من الذنوب) ؛ أي: الصغائر؛ قياسا على النظائر؛ (كما يخلص الكير خبث الحديد) ؛ أي: صفاه تألمه بمرضه من ذنوبه كتصفية الكير للحديد من الخبث؛ فإسناد التصفية إلى المرض مجازية؛ كـ " أنبت الربيع البقل" ؛ فإن أسند الفعل إلى الله؛ فهو على الحقيقة؛ قال الحراني : وهذا فيما إذا تلقى العبد المرض على أنه طهرة وكفارة؛ فحينئذ ينشئ الله له التصبر؛ فيعاجله - بفضل الله - الشفاء؛ ويبدل عوض ما أخذه المرض الصحة المباركة؛ والخلق الأطيب؛ كما يحقق بالتجربة لذوي البصائر؛ وقال الحكيم الترمذي : المريض قد توسخ وتدنس وتكدر طيبه؛ فأبى الله أن يضيعه؛ فسلط عليه السقم؛ حتى إذا تمت مدة التمحيص؛ خرج منها كالبردة في الصفاء؛ وفي وجهه طلاوة وحلاوة؛ وقد تقدم أمر الله إلى العباد أن يحفظوا جوارحهم عن الدنس؛ ليصلحوا لجوار القدس؛ فتركوا الرعاية؛ وضيعوا الحفظ؛ فدلهم على [ ص: 284 ] أن يتطهروا بالتوبة؛ فلم يفعلوا؛ وأصروا على جهد من نفوسهم الشهوانية؛ ثم دعاهم إلى الفرائض ليتطهروا بها؛ فخلطوها؛ وغشوها؛ وأدوها على النقصان؛ والوسوسة؛ والمكاسب الرديئة؛ فلم تكن مطهرة لهم؛ إذ لا تطهر النجاسة بالنجاسة؛ ولا ينقى الدنس بالوسخ؛ فلما رأى حالتهم هذه رحمهم؛ فداواهم بالأسقام؛ ليطهرهم؛ فإذا قابل المريض ذلك بالصبر؛ أخرجه صافيا طاهرا.

(خد حب طس؛ عن عائشة ) - رضي الله (تعالى) عنها - قال الهيتمي: رجاله ثقات؛ إلا أني لم أعرف شيخ الطبراني .



الخدمات العلمية