الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
687 - " إذا سمعت الرجل يقول: هلك الناس؛ فهو أهلكهم " ؛ مالك ؛ (حم خد م د) ؛ عن أبي هريرة ؛ (صح).

التالي السابق


(إذا سمعت الرجل) ؛ يعني: الإنسان؛ (يقول: هلك الناس) ؛ ودلت حاله على أنه يقول ذلك إعجابا بنفسه؛ وتيها بعلمه؛ أو عبادته؛ واستصغارا لشأن الناس؛ وازدراء لما هم عليه؛ (فهو أهلكهم) ؛ بضم الكاف؛ أشدهم هلاكا؛ وأحقهم بالهلاك؛ أو أقربهم إليه؛ لذمه الناس؛ وذكره عيوبهم؛ وتكبره؛ وبفتحها: فعل ماض؛ أي: فهو جعلهم هالكين؛ إلا أنهم هلكوا حقيقة؛ أو فهو أهلكهم لكونه أقنطهم من رحمة الله؛ وأيأسهم من غفرانه؛ قال النووي : والمشهور الرفع؛ ويؤيده رواية أبي نعيم: " فهو من أهلكهم" ؛ قال الغزالي: إنما قاله لأن هذا القول يدل على أنه مزدر لخلق الله؛ مغتر بالله؛ آمن من مكره؛ غير خائف من سطوته وقهره؛ حيث رأى الناس هالكين؛ ورأى نفسه ناجيا؛ وهو الهالك تحقيقا لما رأى ذلك؛ ويكفيه شرا احتقار الغير؛ فالخلق يدركون النجاة بتعظيمهم إياه لله؛ فهم متقربون إلى الله بالدنو منه؛ وهو متمقت إلى الله بالتنزه والتباعد منهم؛ كأنه يترفع عن مجالستهم؛ فما أجدره بالهلاك! انتهى؛ أما لو قاله تفجعا وإشفاقا عليهم؛ فليس محل الذم.

( مالك ؛ حم خد م د؛ عن أبي هريرة ) ؛ ولم يخرجه البخاري .



الخدمات العلمية