الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
819 - " إذا كان يوم القيامة؛ دعا الله (تعالى) بعبد من عبيده؛ فيقف بين يديه؛ فيسأله عن جاهه؛ كما يسأله عن ماله " ؛ تمام؛ (خط)؛ عن ابن عمر ؛ (ض).

التالي السابق


(إذا كان يوم القيامة؛ دعا الله بعبد من عباده) ؛ يجوز أن يراد به واحد؛ وأن يراد به المتعدد؛ (فيقف بين يديه؛ فيسأله عن جاهه؛ كما يسأله عن ماله) ؛ من أي جهة اكتسبه؛ وفي أي شيء أنفقه؛ نبه به على أنه كما يجب على العبد رعاية حقوق الله في ماله؛ بالإنفاق؛ يلزمه رعاية حقوق الله في بدنه؛ ببذله المعونة للخلق؛ بالشفاعة؛ وغيرها؛ فكما يسأله الله عن ماله من أين اكتسبه؛ وفيم أنفقه؛ يسأله عن تقصيره في جاهه؛ وبخله به؛ فإذا رأينا عالما؛ أو صالحا؛ يتردد للحكام؛ لا يبادر بالإنكار؛ بل يتأمل إن كان لمحض نفع العباد؛ وكشف الضر عنهم مع الزهد واليأس فيما في أيديهم؛ والتعزيز بعز الإيمان؛ وأمرهم بالمعروف؛ والنهي عن المنكر؛ فلا حرج عليه؛ لأنه من المحسنين؛ وما على المحسنين من سبيل؛ قال الغزالي: و" الجاه" ؛ معناه: ملك القلوب؛ بطلب محل فيها للتوصل إلى الاستعانة للفرض؛ وكل من لم يقدر على القيام بنفسه في جميع حاجاته؛ وافتقر لمن يخدمه؛ افتقر إلى جاه في قلب خادمه؛ إذ لو لم يكن له عنده قدر لم يقم بخدمته؛ فقيام القدر في القلوب؛ هو الجاه؛ وهذا له أول قريب؛ لكن يتمادى إلى هاوية لا عمق لها؛ ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه؛ وإنما الحمل في القلوب لجلب نفع؛ أو دفع ضر؛ فالنفع يغني عنه المال؛ والدفع يحتاج إلى الجاه؛ وقدر الحاجة لا ينضبط؛ والخائض في طلب الجاه سالك طريق الهلاك؛ والاشتغال بالتدين والتعبد يمهد له في القلوب ما يدفع به الأذى؛ فلا رخصة في طلبه؛ لأن له ضراوة كضراوة الخمر؛ بل أشد؛ ولذلك يسأل الله (تعالى) عنه؛ وقال في موضع آخر: حقيقة الجاه: ملك القلوب؛ فمالكها يتوسل بها إلى المقاصد؛ كمالك المال؛ يتوسل به إليها؛ بل المال أحدها؛ والجاه قوت الأرواح الطالبة الاستعلاء؛ ومن ابتلي بحب الجاه؛ جره إلى الرياء والنفاق؛ ولا يقوم بحق الجاه على الوجه الشرعي إلا الأفراد؛ ولهذا كان مسؤولا عنه؛ وعلاجه مركب من علم؛ وعمل؛ فالعلم أن يتأمل أن آخر أمره الموت؛ ويجعله نصب عينه؛ والعمل أن يتخذ العزلة؛ إلا لضرورة المعيشة؛ وما لا بد له منه؛ كالقليل من المال؛ لا محذور في طلبه؛ فإذا في الجاه سم؛ ودرياق؛ فهو كالمال؛ (تمام) ؛ في فوائده؛ (خط؛ عن ابن عمر ) ؛ قال مخرجه الخطيب: حديث غريب جدا؛ لا يروى إلا بهذا الإسناد؛ تفرد به أحمد بن خليد ؛ ولا يثبت عن النبي بوجه من الوجوه؛ انتهى؛ وقال ابن عدي : حديث لا أصل له؛ ورواه أيضا باللفظ المزبور عن ابن عمر الطبراني في الصغير؛ قال الهيتمي: وفيه يوسف بن يونس الأفطس؛ ضعيف؛ وحكم ابن الجوزي بوضعه.



الخدمات العلمية