الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
862 - " إذا مر أحدكم في مسجدنا؛ أو في سوقنا؛ ومعه نبل؛ فليمسك على نصالها بكفه؛ لا يعقر مسلما " ؛ (ق د هـ)؛ عن أبي موسى ؛ (صح).

التالي السابق


(إذا مر أحدكم في مسجدنا) ؛ أيها المسلمون؛ فالمراد جميع مساجد الإسلام؛ لا مسجده - عليه الصلاة والسلام -؛ (أو في سوقنا) ؛ تنويع من الشارع؛ لا شك من الراوي؛ أي: مسجد المسلمين؛ أو سوقهم؛ فأضاف إلى الضمير؛ إيذانا بالشرف؛ (ومعه نبل) ؛ بفتح؛ فسكون؛ سهام عربية؛ وهي مؤنثة؛ (فليمسك) ؛ بضم أوله؛ أي: المار؛ (على نصالها) ؛ جمع " نصل" ؛ حديدة السهم؛ وعداه بـ " على" ؛ للمبالغة؛ (بكفه) ؛ متعلق بقوله " يمسك" ؛ (لا يعقر) ؛ بمثناة تحتية؛ بخط المصنف؛ بالرفع؛ استئنافا؛ وبالجزم؛ جواب الأمر؛ أي: لئلا يجرح؛ (مسلما) ؛ أو غيره؛ كذمي؛ أو حيوان محترم؛ وإنما خص المسلم اهتماما بشأنه؛ وقيل: أراد بالكف: اليد؛ أي: لا يعقر بيده؛ أي: باختياره؛ مسلما؛ أو المراد: كف النفس؛ أي: لا يعقر بكفه نفسه عن إمساكها؛ أي: لا يجرح بسبب تركه إمساك نصالها مسلما؛ وليس المراد خصوص شيء من ذلك؛ بل ألا يصيب معصوما بأذى بوجه؛ كما دل عليه التعليل؛ وفي رواية البخاري : " فليقبض بكفه؛ أن يصيب أحدا من المسلمين منها شيء" ؛ وفي رواية لمسلم: " لئلا يصيب به أحدا من المسلمين" ؛ وفيه تحريم قتال المسلم؛ وقتله؛ وتغليظ الأمر فيه؛ وحجة للقول بسد الذرائع؛ وإشارة إلى تعظيم قليل الذنب؛ وكثيره؛ وتأكيد حرمة المسلم؛ وجواز إدخال المسجد السلاح؛ وفي أوسط الطبراني : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تقليد السلاح في المسجد؛ والمعنى فيه ما مر؛ ومحل النهي عن ذلك إن كان النصل غير مغمود؛ ولا ينافي الحديث لعب الحبشة بالحراب في المسجد؛ لأن التحفظ في صورة اللعب بالحراب يسهل؛ بخلاف مجرد المرور؛ فقد يقع بغتة؛ فلا يتحفظ.

(ق د هـ؛ عن أبي موسى) ؛ الأشعري .



الخدمات العلمية