الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
996 - " استقيموا لقريش؛ ما استقاموا لكم؛ فإن لم يستقيموا لكم؛ فضعوا سيوفكم على عواتقكم؛ ثم أبيدوا خضراءهم " ؛ (حم)؛ عن ثوبان ؛ (طب)؛ عن النعمان بن بشير ؛ (ح).

التالي السابق


(استقيموا لقريش) ؛ أي: للأئمة من قريش؛ (ما استقاموا لكم) ؛ أي: دوموا على طاعتهم؛ واثبتوا عليها؛ ما داموا قائمين على الشريعة؛ لم يبدلوها؛ (فإن لم يستقيموا لكم) ؛ وفي رواية - بدله؛ لأحمد أيضا -: " فإن لم يفعلوا" ؛ (فضعوا سيوفكم على عواتقكم) ؛ متأهبين للقتال؛ (ثم أبيدوا) ؛ أهلكوا؛ (خضراءهم) ؛ أي: سوادهم؛ ودهماءهم؛ ذكره الزمخشري ؛ وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه؛ والأمر بخلافه؛ بل تمامه عند مخرجه - كما في الفردوس وغيره -: " فإن لم تفعلوا؛ فكونوا حرائين؛ أشقياء؛ تأكلون من كد أيديكم" ؛ قال ابن حجر: وقد تضمن هذا الحديث الإذن في القيام عليهم؛ وقتالهم؛ والإيذان بخروج الأمر عنهم؛ وبه يقوى مفهوم حديث الأئمة من قريش ما أقاموا الدين أنهم إذا لم يقيموه خرج الأمر عنهم؛ ويؤخذ من بقية الأحاديث أن خروجه عنهم إنما يقع بعد اتباع ما هددوا به من اللعن أولا؛ وهو الموجب للخذلان؛ وفساد التدبير؛ وقد وقع ذلك في صدر الدولة العباسية؛ ثم التهديد بتسليط من يؤذيهم عليهم؛ ووجد ذلك في غلبة مواليهم عليهم؛ بحيث صاروا محجورا عليهم؛ ثم اشتد الأمر؛ فغلب عليهم الديلم؛ فضايقوهم في كل شيء؛ حتى لم يبق للخليفة إلا الخطبة؛ واقتسم المتغلبون الممالك؛ في جميع الأقاليم؛ ثم طرأ عليهم طائفة بعد طائفة؛ حتى انتزع الأمر منهم في جميع الأقاليم؛ والأقطار؛ ولم يبق للخليفة إلا مجرد الاسم في بعض الأمصار؛ إلى هنا كلام الحافظ؛ قال الخطابي : الخوارج يتأولونه على الخروج على الأئمة؛ ويحملون قوله: " ما استقاموا لكم" ؛ على العدل في السيرة؛ وإنما الاستقامة هنا: الإقامة على الإسلام؛ انتهى.

(حم؛ عن ثوبان ) ؛ مولى رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال ابن حجر: رجاله ثقات؛ إلا أن فيه انقطاعا؛ لأن سالم بن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان ؛ (طب؛ عن النعمان بن بشير ) ؛ رمز المصنف لحسنه؛ ولعله لاعتضاده؛ وإلا ففيه شعيب بن بيان الصفار؛ قال الجوزجاني؛ يروي المناكير؛ ذكره الهيتمي.



الخدمات العلمية