الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
195 - " أجيفوا أبوابكم؛ وأكفئوا آنيتكم؛ وأوكئوا أسقيتكم؛ وأطفئوا سرجكم؛ فإنهم لم يؤذن لهم بالتسور عليكم " ؛ (حم)؛ عن أبي أمامة .

التالي السابق


(أجيفوا) ؛ بفتح الهمزة؛ وكسر الجيم؛ ردوا؛ وأغلقوا؛ يقال: " جفأت الباب" ؛ غلقته؛ قاله الفراء ؛ ونوزع بأن " أجيفوا" ؛ لامه فاء؛ و" جفأت" ؛ لامه همزة؛ (أبوابكم) ؛ مع ذكر الله (تعالى)؛ (وأكفئوا) ؛ قال عياض: رويناه بقطع الألف المفتوحة؛ وكسر الفاء؛ رباعي؛ وبوصلها؛ وفتح الفاء؛ وهما فصيحتان؛ (آنيتكم) ؛ اقلبوها؛ ولا تتركوها للعق الشيطان ولحس الهوام؛ قال الزمخشري : " كفأ الإناء" ؛ قلبه على فمه؛ و" استكفأته" ؛ طلبت منه أن يكفئ ما في إنائه؛ (وأوكئوا) ؛ بكسر الكاف؛ ثم همزة؛ اربطوا؛ (أسقيتكم) ؛ جمع " سقاء" ؛ كـ " كساء" ؛ ظرف الماء؛ من جلد؛ يعني: شدوا فم القربة بنحو خيط؛ واذكروا اسم الله (تعالى)؛ (وأطفئوا) ؛ بهمزة قطع؛ أمر من " الإطفاء" ؛ (سرجكم) ؛ أي: أذهبوا نورها؛ جمع " سراج" ؛ كـ " كتاب" ؛ يعني: أطفئوا النار من بيوتكم عند النوم؛ وهذا - وإن كان مطلوبا في الأوقات كلها - لكنه في الليل آكد؛ لأن النهار عليه حافظ من العيون؛ بخلاف الليل؛ حتى فتيلة السراج؛ (فإنهم) ؛ يعني الشياطين؛ ولم يذكروا؛ استهجانا لذكرهم؛ ومبالغة في تحقيرهم وذمهم؛ (لم يؤذن لهم) ؛ ببناء " يؤذن" ؛ للمفعول؛ والفاعل الله؛ (بالتسور) ؛ أي: التسلق؛ (عليكم) ؛ أي: لم يجعل الله (تعالى) لهم قدرة على ذلك؛ أي: إذا ذكر اسم الله (تعالى) عند كل ما ذكر؛ لخبر أبي داود: " واذكروا اسم الله؛ فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا" ؛ قال ابن العربي: وهذا من القدرة التي لا يؤمن بها إلا الموحد؛ وهو أن الشيطان يتصرف في الأمور الغريبة؛ ويتولج في المسام الضيقة؛ فيعجز عن ذلك؛ والأمر للإرشاد؛ على ما قاله النووي ؛ وقال غيره: للندب؛ وقال ابن دقيق العيد: والخبر يدل على منع دخول الشيطان الخارج؛ لا الداخل؛ قال: واستنبط منه مشروعية غلق الفم عند التثاؤب؛ لدخوله في الأبواب؛ مجازا.

(حم)؛ وكذا أبو يعلى ؛ (عن أبي أمامة) ؛ الباهلي ؛ قال الهيتمي: رجاله ثقات؛ انتهى؛ ورمز المؤلف لحسنه غير حسن؛ بل حقه الرمز لصحته.



الخدمات العلمية