الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
347 - " إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه؛ فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض؛ وفساد عريض " ؛ (ت هـ ك) ؛ عن أبي هريرة ؛ (عد)؛ عن ابن عمر ؛ (ت هق) ؛ عن أبي حاتم المزني؛ وما له غيره؛ (صح).

التالي السابق


(إذا أتاكم) ؛ أيها الأولياء؛ (من) ؛ أي: رجل يخطب موليتكم؛ (ترضون خلقه) ؛ بالضم؛ وفي رواية - بدله -: " أمانته" ؛ (ودينه) ؛ بأن يكون مساويا للمخطوبة في الدين؛ أو المراد أنه عدل؛ فليس الفاسق كفئا لعفيفة؛ (فزوجوه) ؛ إياها؛ وفي رواية: " فأنكحوه" ؛ أي: ندبا مؤكدا؛ بل إن دعت الحاجة وجب؛ كما مر؛ (إلا تفعلوا) ؛ ما أمرتم به؛ وفي رواية: " تفعلوه" ؛ قال الطيبي: الفعل كناية عن المجموع؛ أي: إن لم تزوجوا الخاطب الذي ترضون خلقه ودينه؛ (تكن) ؛ تحدث؛ (فتنة في الأرض وفساد) ؛ خروج عن حال الاستقامة النافعة المعينة على العفاف؛ (عريض) ؛ كذا في رواية البيهقي وغيره؛ وفي رواية: " كبير" ؛ والمعنى متقارب؛ وفي رواية كرره ثلاثا؛ يعني: إنكم إن لم ترغبوا في الخلق الحسن؛ والدين المرضي؛ الموجبين للصلاح والاستقامة؛ ورغبتم في مجرد المال الجالب للطغيان؛ الجار للبغي والفساد؛ تكن... إلى آخره؛ أو المراد إن لم تزوجوا من ترضون ذلك منه؛ ونظرتم إلى ذي مال أو جاه؛ يبق أكثر النساء بلا زوج؛ والرجال بلا زوجة؛ فيكثر الزنا؛ ويلحق العار؛ فيقع القتل ممن نسب إليه العار؛ فتهيج الفتن؛ وتثور المحن؛ وقال الغزالي: أشار بالحديث إلى أن دفع غائلة الشهوات مهم في الدين؛ فإن الشهوات إذا غلبت؛ ولم يقاومها قوة التقوى؛ جرت إلى اقتحام الفواحش؛ انتهى؛ و" الفساد" : خروج الشيء عن حال استقامته؛ وضده " الصلاح" ؛ وهو الحصول على الحال المستقيمة النافعة؛ وقول البغوي : فيه اعتبار الكفاءة في التناكح؛ وأن الدين أولى ما اعتبر منها؛ فيه نظر؛ إذ ليس فيه ما يدل إلا على اعتبار الدين؛ ولا تعرض فيه لاعتبار النسب؛ الذي اعتبره الشارع - عليه الصلاة والسلام -؛ وفيه أن المرأة إذا طلبت من الولي تزويجها من مساو لها في الدين؛ لزمه؛ لكن اعتبر الشافعية كونه كفئا؛ وفيه أنه ينبغي تحري محاسن الأخلاق في الخاطب؛ والبعد عمن اتصف بمساويها.

(ت هـ ك) ؛ في النكاح؛ عن عبد الله بن الحسين ؛ عن الحارث بن أبي أسامة؛ عن يزيد بن هارون ؛ عن عبد الحميد بن سليمان؛ عن ابن عجلان؛ عن وثيمة البصري؛ (عن أبي هريرة ) ؛ قال الحاكم : صحيح؛ ورده الذهبي بأن عبد الحميد هو أبو فليح؛ قال أبو داود وغيره: ثقة؛ [و]وثيمة لا يعرف؛ (عد)؛ من حديث صالح المنيحي؛ عن الحكم بن خلف؛ عن عمار بن مطر؛ عن مالك ؛ عن نافع ؛ (عن ابن عمر) ؛ ابن الخطاب ؛ قال في الميزان: وعمار هالك؛ ووثقه بعضهم؛ قال أبو حاتم : كان يكذب؛ (ت هق؛ عن أبي حاتم المزني) ؛ بضم الميم؛ وفتح الزاي؛ صحابي له هذا الحديث الواحد؛ وقيل: لا صحبة له؛ ويقال: اسمه عقيل بن ميمونة ؛ ذكره في التقريب؛ قال البخاري - وتبعه الترمذي -: ولا أعلم له غير هذا الحديث؛ فمن ثم قال المؤلف؛ (وما له غيره) ؛ ولو عبر بعبارة البخاري كان أولى؛ إذ لا يلزم من نفي العلم نفي الوجود؛ قال ت: حسن غريب؛ قال العراقي؛ عن البخاري : إنه لم يعده محفوظا؛ وقال أبو داود : إنه أخطأ؛ وعده في المراسيل؛ وأعله ابن القطان بإرساله؛ وضعف رواته.



الخدمات العلمية