الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما آدابه فبعضها في الدخول وبعضها في تقديم الطعام .

آداب الدخول للطعام .

: أما الدخول : فليس من السنة أن يقصد قوما متربصا لوقت طعامهم فيدخل عليهم وقت الأكل ، فإن ذلك من المفاجأة ، وقد نهي عنه ، قال الله تعالى : لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه يعني : منتظرين حينه ونضجه .

وفي الخبر : " من مشى إلى طعام لم يدع إليه مشى فاسقا وأكل حراما .

" ولكن حق الداخل إذا لم يتربص واتفق أن صادفهم على طعام أن لا يأكل ما لم يؤذن له ، فإذا قيل له : كل .

نظر ، فإن علم أنهم يقولونه على محبة لمساعدته فليساعد ، وإن كانوا يقولونه حياء منه فلا ينبغي أن يأكل بل ينبغي أن يتعلل

التالي السابق


(وأما آدابه فبعضها في الدخول وبعضها في تقديم الطعام: أما) آداب (الدخول: فليس من السنة أن يقصد) الرجل (قوما متربصا) أي: متحينا (لوقت طعامهم) أي: حضور طعامهم ليصادفه (فيدخل عليهم وقت الأكل، فإن ذلك من المفاجأة، وقد نهي عنه، قال الله تعالى: لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه يعني: منتظرين حينه ونضجه) فالناظر هنا بمعنى المنتظر، ومن هنا حملت المعتزلة قوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة بمعنى منتظرة، وهو مردود بوجوه مذكورة في محالها من كتاب قواعد العقائد، (وفي الخبر: " من مشى إلى طعام لم يدع إليه مشى فاسقا وأكل حراما") قال العراقي : رواه البيهقي من حديث عائشة نحوه وضعفه. ولأبي داود من حديث ابن عمر : " من دخل على غير دعوة دخل سارقا وخرج مغيرا " وإسناده ضعيف. اهـ .

قلت: ولفظ البيهقي: " من دخل على قوم لطعام لم يدع إليه فأكل، دخل فاسقا وأكل ما لا يحل له". وهكذا رواه ابن النجار أيضا، وأما لفظ أبي داود فأوله: من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله، ومن دخل على غير دعوة... إلخ. وقد رواه البيهقي أيضا: (ولكن حق الداخل إذا لم يتربص) أي: لم يتحين الوقت (واتفق) في دخوله من غير قصد (أن صادفهم على طعام أن لا يأكل ما لم يؤذن له، فإذا قيل له:) أقبل إلينا أو تفضل أو (كل) أو نحو ذلك من الألفاظ الدالة على صريح الأكل (نظر، فإن علم أنهم يقولون على محبة لمساعدته فليساعد ويجلس) ويأكل (معهم، وإن كانوا يقولونه) من وراء القلب وإنما يقولونه تعذيرا و (حياء منه) والباطن مخالف للظاهر (فلا ينبغي أن يأكل بل ينبغي أن يتعلل) لهم بعدم الأكل مهما أمكن، ويظهر في نفسه أن سبق له الأكل ولا يقدر على مناولة شيء من الطعام .




الخدمات العلمية