الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
السادس : أن لا ينظر إلى أصحابه ولا يراقب أكلهم فيستحيون بل يغض بصره عنهم ويشتغل بنفسه ولا يمسك قبل إخوانه إذا كانوا يحتشمون الأكل بعده بل يمد اليد ويقبضها ويتناول قليلا قليلا إلى أن يستوفوا فإن كان قليل الأكل توقف في الابتداء وقلل الأكل حتى إذا توسعوا في الطعام أكل معهم أخيرا فقد فعل ذلك كثير من الصحابة رضي الله عنهم فإن امتنع لسبب فليعتذر إليهم دفعا للخجلة عنهم .

التالي السابق


(السادس: أن لا ينظر إلى أصحابه) أي: إلى وجوههم قصدا، والمراد تكرار النظر، (ولا يراقب أكلهم فيستحيون) من ذلك، (بل يغض بصره ويشتغل بنفسه) ، فهذا أعون لهم على الأكل، فإن المراقبة تورث الانقباض (ولا يمسك) يده عن الطعام [ ص: 231 ] (قبل إخوانه إذا كانوا يتحشمون الأكل بعده) أو يحتاجون إلى بسط (بل يمد اليد) إلى الطعام (ويقبضها) ويريهم أنه يأكل (ويتناول قليلا) منه (إلى أن يستوفوا) غرضهم منه، (فإن كان قليل الأكل) أي: من عادته ذلك (توقف في الابتداء وقلل الأكل) وتربص (حتى إذا توسعوا في الطعام) بأن أكلوا صدرا منه (أكل معهم آخرا) ليستوي أكله مع أكلهم، فإن كانوا علماء لم يكرهوا ذلك منه، (فقد فعل ذلك كثير من الصحابة رضي الله عنهم) كذا في "القوت " قال: وقد كان بعض الرؤساء من الأجواد إذا دعا الناس إلى طعامه يدعو الخباز فيقول: أعلم الناس بما عندك من الأولويات، قال: فسألت بعض جلسائه: لم يفعل هذا ؟ فقال: لينتقي الرجل منهم نفسه لما يشتهي من الألوان. قال: ثم يدعهم يأكلون حتى إذا قاربوا الفراغ جثا على ركبتيه، ومد يده إلى الطعام فأكل، وقال لهم: بسم الله ساعدوني بارك الله فيكم، فكان السلف يستحسنون ذلك منه .

(فإن امتنع) عن الأكل (لسبب) بأن كان سبق له الأكل فلم يحب إدخال طعام على طعام أو غير ذلك (فليعتذر إليهم) ويخبرهم عن السبب والعلة (دفعا للخجلة عنهم) ليبسطوا في الأكل .

وروى صاحب العوارف عن ابن عمر رفعه: " إذا وضعت المائدة فلا يقومن من رجل حتى ترفع المائدة، ولا يرفع يده وإن شبع حتى يرفع القوم، وليقلل، فإن الرجل يخجل جليسه فيقبض يده، وعسى أن يكون له في الطعام حاجة " .




الخدمات العلمية