الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن آدابه أن يلقي أمر الزواج إلى سمع الزوجة وإن كانت بكرا فذلك أحرى وأولى بالألفة ولذلك يستحب النظر إليها قبل النكاح فإنه أحرى أن يؤدم بينهما .

التالي السابق


(ومن آدابه أن يلقي أمر الزوج إلى سمع الزوجة) ويشرح شأنه لتكون على بصيرة من أمره ويقين من حاله، ويدخل على اختيار منها، وينبغي أن يكون ما يلقي إليها من أمره صدقا ، قال النووي في الأذكار: من استشير في أمر خاطب ذكر عيوبه بصدق ثم إن اندفع بدون تعيين من مساويه لم يحل التعيين كقوله: لا خير لك فيه ونحوه، وفي الأنوار للأردبيلي: الغيبة ذكر الإنسان بما فيه بما يكره سواء كان في بدنه، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خلقته، أو ماله، أو ولده، أو والده، أو زوجته، أو خادمه، أو عمامته، أو ثوبه، أو مشيئته، أو حركته، أو عبوسته، أو طلاقته، وسواء ذكره [ ص: 331 ] لفظا أو كناية أو إشارة بالعين أو الرأس أو اليد. اهـ .

(وإن كانت بكرا فذلك أولى بالألفة) والمحبة والمعاشرة، (ولذلك يستحب النظر إليها قبل النكاح) وعبارة الوجيز: وأحب المنكوحات المنظور إليها قبل النكاح، (فإنه أحرى أن يؤدم بينهما) أي: يصلح ثم لا ينظر إلا إلى وجهها، قال الشارح: ولا بد من ذكر الكفين أيضا ، وفيه خلاف لأبي حنيفة ومالك وهو وجه في المذهب ثم قال: ولا يحل للرجل النظر إلى شيء من بدن المرأة إلا إذا كان الناظر صبيا أو مجبوبا أو مملوكا لها، أو كانت رقيقة أو صبية أو محرما فينظر إلى الوجه واليدين فقط. قال الشارح: اعلم إنه يحرم على الرجل أن ينظر إلى ما هو عورة منها ، وكذا إلى الوجه والكفين إن كان يخاف من النظر الفتنة، فإن لم يخف فوجهان: قال أكثر الأصحاب منهم المتقدمون لا يحرم، نعم يكره والثاني يحرم، هذا ما ذكره في الكتاب وبه أجاب صاحب المهذب والقاضي الروياني ، ويحكى ذلك عن الإصطخري في رواية الدارمي عن أبي علي الطبري واختاره الشيخ أبو محمد والإمام، وممن اختار أنه لا يحرم الشيخ أبو حامد وغيره، وقال في الشرح أيضا : اعلم أن الحكم بأنه لا ينظر في الصورة المستثناة إلا إلى الوجه واليدين خلاف المذهب ، أما في المحرم فلأنهم لم يذكروا خلافا في جواز النظر إلى ما يبدو عند المهنة وقالوا: الأصح جواز النظر إلى جميع أعضائها إلا ما بين السرة والركبة، وكذا في الرقيقة، وأما في الصبية فمن جوز النظر عممه في أعضائها بعد اجتناب الفرج ، وأما في عبد المرأة والممسوح فإذا جوزنا النظر جعلناه كالنظر إلى المحارم، فإذا في اللفظ خبط ولا صائر من الأصحاب إلى جوابه والله أعلم .



ثم قال المصنف والعورة من الرجل ما بين سرته وركبته فقط ويباح نظر الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة، والمرأة إلى الرجل عند الأمن من الفتنة إلا ما بين السرة والركبة ، والنكاح والملك يبيحان النظر إلى السوأتين من الجانبين مع كراهته والمس كالنظر فيهما مباحات لحاجة المعالجة، وليكن النظر إلى السوأة لحاجة مؤكدة. . . . ويباح النظر إلى وجه المرأة لتحمل الشهادة ، وإلى الفرج لتحمل شهادة الزنا . اهـ .

وفي البحر للروياني أن الذي ذهب إليه جمهور الفقهاء أنه يستوعب جملة الوجه لأن جميعه ليس بعورة ، قال الماوردي: ولا يزيد على النظرة الواحدة إلا أن يتحقق معرفتها إلا بثانية فيجوز، وفي المعين لأبي الحسن الأصبحي من المتأخرين من فقهاء اليمن تخصيص الخلاف في نظره فرج امرأته بغير حالة الجماع، والقطع بالجواز حين الجماع وهو غريب، وسأل أبو يوسف أبا حنيفة رحمهما الله تعالى عن مس الرجل فرج امرأته وعكسه ، فقال: لا بأس به، وأرجو أن يعظم أجرهما، ومنهم من روى هذا القول وعبره بالغمز وهو فوق المس ، ولا يحل نظر حلقة دبر الزوجة بحال لأنها ليست محل استمتاعه. قال الدارمي لكن قال الإمام في باب إتيان النساء في أدبارهن التلذذ بالدبر من غير إيلاج جائز ، فإن أجزاء المرأة محل لاستمتاع الرجل إلا ما حرم الله من الإيلاج ، وقال في أثناء ما جاء من الترغيب في النكاح: فإن كانت المرأة مستباحة له فله النظر إلى جميع مجردها ، وإلى ما وراء إزارها ، قال التاج السبكي في ترشيح التوشيح وهو كالصريح في رد تقييد الدارمي سواء اطلع الإمام على تقييده أو لم يطلع ، وكم للإمام مثله من جريات على مقتضى الإطلاق .



(تنبيه) :

قال الرافعي في المحرر: ويحرم النظر إلى الأمرد بشهوة قال شارحه: فإذا كان من غير شهوة فلا يحرم إن لم يخف فتنة وإن خاف من الوقوع في الشهوة فوجهان، قال أكثرهم: يحرم تحرزا عن الفتنة ، وقال صاحب التقريب واختاره الإمام أنه لا يحرم أيضا وإلا لأمروا بالاحتجاب كالنساء ، وروي أن وفدا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم غلام حسن الوجه ، فأجلسه من ورائه قال: " أنا أخشى ما أصاب أخي داود " وكان ذلك بمرأى من الحاضرين . فدل على أنه لا يحرم ، ولاتفاق المسلمين على أنهم ما منعوهم في المساجد والمحافل والأسواق والخلو بينه وبين الأجنبي في المكاتب وتعليم الصنعة وغير ذلك ، ولأنهم كالرجال في النظر في الحل والحرم. اهـ .




الخدمات العلمية