الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث : العمل الذي على العامل وشرطه : أن يكون تجارة غير مضيقة عليه ، بتعيين ، وتأقيت فلو شرط أن يشتري بالمال ماشية ليطلب نسلها ، فيتقاسمان النسل ، أو حنطة فيخبزها ويتقاسمان الربح ، لم يصح لأن القراض مأذون فيه في التجارة ، وهو البيع والشراء وما يقع من ضرورتهما فقط وهذا حرف ، أعني : الخبز ، ورعاية المواشي ولو ضيق عليه وشرط أن لا يشتري إلا من فلان أو لا يتجر إلا في الخز الأحمر أو شرط ما يضيق باب التجارة ، فسد العقد

التالي السابق


(الثالث: العمل الذي على العامل) وهو عوض الربح (وشرطه: أن يكون بتجارة غير مضيقة عليه، بتعيين، وتأقيت) فهي شروط ثلاثة، واحترز بالتجارة عن الطبخ، والخبز، والحرف (فلو شرط أن يشتري بالمال ماشية ليطلب نسلها، فيتقاسمان النسل، أو حنطة فيخبزها ويتقاسمان الربح، لم يصح) عقد القراض; (لأن القراض مأذون فيه في التجارة، وهو البيع والشراء) أي: الاسترباح بهما (وما يقع من ضرورتهما فقط) والمراد بقوله: ما يقع إلخ: لواحق التجارة، كالنقل، والكيل، والوزن، فإن هذه الأعمال، وإن كان العامل يأتي بها فليس ذلك كالطحن، والخبز، ورعاية المواشي، فإنها من توابع التجارة، ولواحقها، التي أنشئ العقد لها (وهذه حرف، أعني: الخبز، ورعاية المواشي) وما يشبهها .

وأشار إلى محترز الشرط الثاني، بقوله: (ولو ضيق عليه وشرط أن لا يشتري إلا من فلان) وعين شخصا للتعامل معه (وكذا) لو قال: (لا يتجر إلا في الخز الأحمر) أو الأدكن، والخيل الأبلق (أو ما يضيق باب التجارة، فسد العقد) ; لأنه تضييق، ولو عين جنس الخز، أو البر، جاز; لأنه معتاد، وفي تعيين الشخص للمعاملة وجه في المذهب، أنه لا يفسد العقد، وهو مذهب أبي [ ص: 470 ] حنيفة، ومالك.

ولم يشر المصنف إلى محترز الشرط الثالث، الذي هو التأقيت، وقد ذكره في الوجيز حيث قال: ولو ضيق بالتأقيت إلى سنة مثلا، ومنع من البيع بعدها، فهو فاسد، فإنه قد لا يحوز بونا قبلها .

وإن قيد الشراء، وقال: لا تشتر بعد السنة ولك البيع، فوجهان، أصحهما: الجواز; إذ المنع عن الشراء مقدور له في كل وقت، فأمكن شرطه .

وإن قال: قارضتك سنة مطلقا، فعلى أي القسمين ينزل؟ فيه وجهان، أصحهما: عدم الجواز .



(تنبيه)

اقتصر المصنف على الأركان الثلاثة لصحة القراض، واكتفى بها عن ذكر الثلاثة الأخر، التي هي الصيغة، والعاقدان، كما تقدم ذكرها في البيوع، والمراد بالصيغة: أن يقول: قارضتك، أو ضاربتك، أو عاملتك، على أن الربح بيننا نصفين، فيقول: قبلته، ولو قال: على أن النصف لي وسكت عن العامل فسد، وبالعكس جاز، وقد أشرنا إليه قريبا .

وأما العاقدان: فلا يشترط فيهما إلا ما يشترط في الوكيل، والموكل، نعم لو قارض العامل غيره بمقدار مما شرطه له بإذن المالك، ففيه وجهان: أصحهما: عدم الجواز; لأن وضع القراض أن يدور بين عامل ومالك .

ولو كان المالك مريضا وشرط ما يزيد على أجرة المثل للعامل، لم يحسب من الثلث; لأن التفويت هو المقيد بالثلث، والربح غير حاصل، وفي نظيره في المساقاة خلاف; لأن النخيل قد يثمر بنفسه، فهو كالحاصل .

ولو تعدد العامل واتحد المالك، أو بالعكس، فلا حرج .

ومهما فسد القراض بفوات شرط نفذ التصرفات، وسلم كل الربح للمالك، ففي استحقاقه الأجرة وجهان; لأنه لم يطمع في شيء أصلا .




الخدمات العلمية