الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم " ينبغي أن يمسح بهما وجهه في آخر الدعاء قال عمر رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه .

وقال ابن عباس " كان صلى الله عليه وسلم إذا دعا ضم كفيه ، وجعل بطونهما مما يلي وجهه .

" فهذه هيئات اليد ولا يرفع بصره إلى السماء قال صلى الله عليه وسلم : " لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء عند الدعاء أو لتخطفن أبصارهم .

"

التالي السابق


( ثم ينبغي أن يمسح بهما وجهه في آخر الدعاء) أي: بعد فراغه من الدعاء ( قال عمر) بن الخطاب ( رضي الله عنه: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه) قال العراقي: رواه الترمذي، وقال: غريب، والحاكم في المستدرك، وسكت عليه، وقال ضعيف. اهـ .

قلت: ولفظ المستدرك عن ابن عباس في أثناء حديث: "وامسحوا بهما وجوهكم" ولعل هذا غير ما ذكره العراقي.

ومن آداب الدعاء: أن يجعل بطون الكف إلى الوجه وظهورهما إلى الأرض ( قال ابن عباس) رضي الله عنهما: ( "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دعا ضم كفيه، وجعل بطونهما مما يلي وجهه") قال العراقي: رواه الطبراني في الكبير بسند ضعيف. اهـ .

قلت: ورواه الحاكم، عن ابن عباس مرفوعا: "إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورهما، وامسحوا بهما وجوهكم" ويستثنى من ذلك ما يشتد فيه الأمر؛ ففي صحيح مسلم: "أنه -صلى الله عليه وسلم- لما استسقى أشار بظهر كفيه إلى السماء وهو المراد بالرهب في قوله تعالى: ويدعوننا رغبا ورهبا قالوا: الرهب بسط الأيدي وظهورهما إلى الأرض، والرغب بسطهما وظهورهما إلى السماء". واستحب الخطابي كشفهما غير ساتر لهما بثوب أو غطاء .

( فهذه هيآت الأيدي) وكيفية رفعها ( ولا يرفع بصره إلى السماء) أي: في حال الدعاء، واستدل على ذلك بقوله: ( قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء عند الدعاء أو لتخفض أبصارهم") قال العراقي: رواه مسلم من حديث أبي هريرة، وقال: "عند الدعاء في الصلاة" اهـ .

قلت: وكذلك رواه النسائي، والطبراني في الكبير، وفي رواية: "أو ليخطفن الله أبصارهم".

وروى أحمد ومسلم وأبو داود من حديث جابر بن سمرة: "لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم أبصارهم" وقد ظهر بتلك الزيادة أن النهي خاص في الصلاة، فلا يتم به استدلال المصنف، كما لا يخفى على أنه ورد في صحيح مسلم من حديث ابن عباس ما يدل على جواز رفع البصر إلى السماء في حال [ ص: 36 ] الدعاء، وهو ما رواه عبد بن حميد، عن أبي نعيم، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي المتوكل، عنه "أنه بات في بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقام من الليل، ثم خرج فنظر في السماء، ثم تلا ..." إلى آخر الحديث .

وأخرجه البخاري كذلك، قال النووي في الأذكار في باب ما يقول إذا استيقظ من الليل وخرج من بيته: يستحب له أن ينظر إلى السماء، ويقرأ الآيات الخواتم من سورة آل عمران، ثبت في الصحيحين أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يفعله إلا النظر إلى السماء فهو في صحيح البخاري دون مسلم.

قال الحافظ: بل ثبت ذلك في مسلم أيضا، وسبب خفاء ذلك على الشيخ أن مسلما جمع طرق الحديث كعادته، فساقها في كتاب الصلاة، وأفرد طريقا منها في كتاب الطهارة، وهي التي وقع عنده التصريح فيها بالنظر إلى السماء، ووقع ذلك أيضا في طريقين آخرين بما ساقه في كتاب الطهارة، لكنه اقتصر في كل منهما على بعض المتن، فلم يقع عنده فيهما التصريح بهذه اللفظة، وهي في نفس الأمر عنده فيهما .

وأما البخاري فلم يقع عنده التقييد بكون ذلك عند الخروج من البيت، وليس في شيء من الطرق الثلاثة التي أشرت إليها التصريح بالقراءة إلى آخر السورة، وإنما وقع ذلك من طرق أخرى ليس فيها النظر إلى السماء، لكن الحديث في نفس الأمر واحد، فذكر بعض الرواة ما لم يذكر بعض، والله أعلم .

قلت: وروى الطبراني من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: "ما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بيتي صباحا إلا رفع بصره إلى السماء" وقال الحديث، وقد تقدم .




الخدمات العلمية