الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإذا انتهيت إلى المسجد تريد دخوله فقل : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم ، اللهم اغفر لي جميع ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك وقدم رجلك اليمنى في الدخول

التالي السابق


( فإذا انتهيت إلى المسجد تريد دخوله فقل: اللهم صل على محمد وسلم، اللهم اغفر لي جميع ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك) قال العراقي: رواه الترمذي وابن ماجه من حديث فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال الترمذي: حسن، وليس إسناده بمتصل .

ولمسلم من حديث أبي حميد أو أبي أسيد: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك" وزاد أبو داود في أوله: "فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم". اهـ .

قلت: أما حديث فاطمة -رضي الله عنها- فقال الطبراني في الدعاء: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن قيس بن الربيع، عن عبد الله بن الحسن، عن أمه فاطمة بنت الحسن، عن فاطمة الكبرى -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل المسجد قال: "اللهم صل على محمد وسلم، واغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج قال مثلها، لكنه يقول: أبواب فضلك".

وقد روي من وجه آخر فيه الحمد والتسمية والصلاة والتسليم، قال أبو بشر الدولابي: حدثنا محمد بن عوف، حدثنا موسى بن داود، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبد الله بن الحسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل المسجد قال: "بسم الله، والحمد لله، وصلى الله على النبي وسلم، اللهم اغفر لي" فذكر مثل الذي قبله لكن قال: "سهل" بدل "افتح" في الموضعين .

ورواة هذا الإسناد ثقات، إلا أن فيه الانقطاع الذي يأتي ذكره، وقد شذ صالح بن موسى الطلحي فرواه عن عبد الله بن الحسن، عن أمه، عن أبيها الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب، أخرجه أبو يعلى من طريقه، وصالح ضعيف .

وقد روي هذا الحديث من وجه آخر، قال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي، أنبأنا سعيد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن، عن أمه، عن جدتها فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم ورضي عنها - [ ص: 91 ] قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل المسجد حمد الله، وسمى وقال: "اللهم اغفر، وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج قال مثل ذلك، وقال: أبواب فضلك".

وأخرجه ابن السني، عن موسى بن الحسن الكوفي، عن إبراهيم بن يوسف، ووقع في روايته عن جدته، وفيه تجوز؛ لأنها جدته العليا، وهو عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ففاطمة -رضي الله عنها- جدة أبيه وجدة أمه أيضا؛ لأن أمه هي فاطمة بنت الحسين بن علي، ورجال هذا السند أيضا ثقات، لكن فيه انقطاع يأتي بيانه .

وروي من وجه آخر بزيادة الصلاة فيه، قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم وهو ابن علية، حدثنا ليث هو ابن أبي سليم، عن عبد الله بن الحسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم، ثم قال: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك" قال إسماعيل: فلقيت عبد الله بن الحسن فسألته عن هذا الحديث فقال: "كان إذا دخل قال: رب افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج قال: افتح لي أبواب فضلك" وهكذا أخرجه الترمذي عن علي بن حجر، عن إسماعيل ابن علية.

وأخرجه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن إسماعيل وأبي معاوية، كلاهما عن ليث، ولم يذكر قول إسماعيل، فلقيت عبد الله بن الحسن.

وقول الترمذي: ليس إسناده بمتصل، بينه بقوله: فاطمة بنت الحسين لم تدرك جدتها فاطمة الكبرى؛ لأنها عاشت بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- أشهرا، قال الحافظ: وكان عمر الحسين عند موت أمه -رضي الله عنها- دون ثمان سنين، والله أعلم .

وأما حديث أبي حميد أو أبي أسيد فرواه مسلم، عن حامد بن عمر، عن بشر بن المفضل، عن عمارة بن غزية، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد الأنصاري، عن أبي حميد أو أبي أسيد.

ورواه مسلم أيضا، عن يحيى بن يحيى النيسابوري، عن سليمان بن بلال، عن ربيعة.

وأخرجه أبو داود، عن محمد بن عثمان الدمشقي، عن عبد العزيز الدراوردي، عن ربيعة.

وأخرجه الدارمي، عن الغضبي، عن سليمان بن بلال، وأخرجه أيضا عن يحيى بن حسان، عن الدراوردي.

وأخرجه المخلص في فوائده، عن يحيى بن محمد بن صاعد، عن سوار بن عبد الله العنبري، عن بشر بن المفضل.

وأخرجه أبو نعيم في المستخرج، عن فاروق بن عبد الكبير، عن أبي مسلم، عن مسدد، عن بشر بن المفضل.

وأخرجه أيضا عن جعفر بن محمد بن عمرو، عن أبي الحصين الوارعي، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن سليمان بن بلال، قال مسلم: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كتبته من كتاب سليمان بن بلال، قال: وبلغني أن يحيى الحماني يقول، يعني: عن سليمان بسنده المذكور، عن أبي حميد وأبي أسيد. اهـ. يعني أن الحماني رواه بواو العطف، وأن يحيى بن يحيى بأو التي للتردد، ولم ينفرد الحماني بذلك .

فقد أخرجه أحمد، عن أبي عامر العقدي، عن سليمان بواو العطف أيضا، وكذلك أخرجه النسائي وأبو يعلى وابن حبان من رواية سليمان، ولم ينفرد به سليمان أيضا، بل جاء من رواية عمارة بن غزية أيضا كما عند الطبراني في الدعاء، وأبي عوانة في الصحيح .

وأخرجه ابن ماجه من رواية إسماعيل بن عياش، عن عمارة بن غزية، لكن قال: عن أبي حميد، ولم يذكر أبا أسيد.

وهكذا أخرجه أبو عوانة أيضا من رواية عبد العزيز الأوسي، عن الدراوردي. والله أعلم .



* ( تنبيه) *

وفي الباب عن أبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وأنس بن مالك -رضي الله عنهم- أما حديث أبي هريرة فأخرجه النسائي في اليوم والليلة، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان، والطبراني، جميعا من طريق بندار، وهو محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو بكر الحنفي: حدثنا الضحاك بن عثمان، حدثنا سعيد المقبري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج من المسجد فليسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وليقل: اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم".

وأخرجه ابن السني عن النسائي، وأخرجه أيضا من رواية عمرو بن علي الفلاس، عن أبي بكر الحنفي.

وأخرجه يوسف القاضي في كتاب الدعاء من رواية حميد بن الأسود، عن الضحاك.

وأخرجه الحاكم من طريق أبي بكر الحنفي، وقال: صحيح على شرط الشيخين .

[ ص: 92 ] ووقع في رواية النسائي: "باعدني" وفي نسخة "أعذني" وهي رواية ابن ماجه وابن السني، وفي رواية ابن خزيمة وابن حبان: "أجرني" ورجال هذا الحديث من رجال الصحيح، لكن أعله النسائي فأخرجه من طريق محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن كعب الأحبار أنه قال له: "أوصيك باثنتين" فذكر هذا الحديث بنحوه .

ومن طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن كعب كذلك .

قال النسائي: ابن أبي ذئب أثبت عندنا من الضحاك بن عثمان، وعن محمد بن عجلان، وحديثه أولى بالصواب .

قال الحافظ: ورواية ابن عجلان أخرجها عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما كذلك، وأخرجه عبد الرزاق، عن أبي معشر، عن سعيد المقبري أن كعبا قال لأبي هريرة، فذكره .

هؤلاء ثلاثة خالفوا الضحاك في رفعه، وزاد ابن أبي ذئب في المسند راويا، وخفيت عليه العلة على من صحح الحديث من طريق الضحاك.

وفي الجملة: هو حسن؛ لشواهده، والله أعلم .

وأما حديث عبد الله بن عمرو: فقال أبو داود في السنن: حدثنا إسماعيل بن بشر بن منصور، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الله بن المبارك، عن حيوة بن شريح قال لقيت عقبة بن مسلم فقلت له: بلغني أنك حدثت عن عبد الله بن عمرو، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول إذا دخل المسجد: "أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم. قال: أقط؟ قال: نعم، قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم" ومعنى قوله: أقط: ما بلغك إلا هذا خاصة، والهمزة للاستفهام، والمشهور في طاء أقط التخفيف .

وأما حديث أنس: فأخرجه ابن السني، عن الحسن بن موسى الريفي، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن البختري، شيخ صالح بغدادي، حدثنا عيسى بن يوسف، عن معمر، عن الزهري، عن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل المسجد قال: بسم الله، اللهم صل على محمد، وإذا خرج قال: بسم الله، اللهم صل على محمد".




الخدمات العلمية