الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما بيع الميراث ، والوصية ، والوديعة ، وما لم يكن الملك حاصلا فيه بمعاوضة ، فهو جائز قبل القبض .

التالي السابق


(فأما بيع الميراث، والوصية، والوديعة، وما لم يكن الملك حاصلا فيه بمعاوضة، فهو جائز) . اعلم أن المال المستحق للإنسان عند غيره قسمان: عين في يده، ودين في ذمته، أما الثاني فمذكور في محله، وأما القسم الأول، فما له في يد الغير إما أن يكون أمانة أو مضمونا، الضرب الأول: الأمانات، فيجوز للمالك بيعها; لتمام الملك عليها، وحصول القدرة على التسليم، وهو [ ص: 440 ] كالوديعة في يد المودع، ومال الشركة، والقراض، في يد الشريك، والعامل، والمال في يد الوكيل بالبيع، ونحوه، وفي يد المرتهن بعد انفكاك الرهن، وفي يد المستأجر بعد انقضاء المدة، والمال في يد القيم بعد بلوغ الصبي رشيدا، وما اكتسبه العبد، أو قبله بالوصية، قبل أن يأخذه السيد، ولو ورث مالا فله بيعه قبل أخذه، إلا إذا كان الموروث لا يملك ببيعه أيضا، مثل ما اشتراه ولم يقبضه .

ولو اشترى من موروثه شيئا، ومات الموروث قبل التسليم، فله بيعه، سواء كان على المورث دين، أو لم يكن، وحق الغريم يتعلق بالثمن، فإن كان له وارث آخر، لم ينفذ بيعه في قدر نصيب الآخر حتى يقبضه .

ولو أوصى له بمال، فقبض الوصية بعد موت الموصي، فله بيعه قبل أخذه، وإن باعه بعد الموت، وقبل القبول، جاز، إن قلنا إن الوصية تملك بالموت، وإن قلنا تملك بالقبول أو موقوف فلا .

وأما المضمونات فهي ضربان: مضمون بالقيمة، ومضمون بعوض، في عقد معاوضة. الأول: المضمون بالقيمة، وهذا الضمان يسمى ضمان اليد، فيصح بيعه قبل القبض أيضا; لتمام الملك فيه، ويدخل فيه ما صار مضمونا بالقيمة بعقد مفسوخ، وغيره .

ويجوز بيع المال في يد المستعير، والمستعار في يد المشتري، والمتهب في الشراء، والهبة، الفاسدين، وكذا بيع المغصوب من الغاصب .

وأما المضمون بعوض في عقد معاوضة، فلا يصح بيعه قبل القبض; لتوهم الانفساخ، تبلغه، وذلك كالبيع، والإجارة، والعوض المصالح عليه عن المال، وفي بيع المرأة الصداق قولان، مبنيان على أنه مضمون في يد الزوج ضمان اليد، أو ضمان العقد، والأصح: الثاني .

ووراء ما ذكرنا صور، منها: الأرزاق التي يخرجها السلطان للناس، يجوز بيعها قبل القبض، حكاه صاحب التلخيص، عن نص الشافعي، وصححه النووي، قال القفال: ومراد الشافعي بالرزق: الغنيمة .

ومنها بيع أحد الغانمين نصيبه على الإشاعة قبل القبض، صحيح إذا كان معلوما .

ومنها: إذا رجع فيما وهب من ولده، له بيعه قبل استرداده، وقال ابن كج: ليس له ذلك .

ومنها: الشفيع إذا تملك الشقص، له بيعه قبل القبض، كذا في التهذيب، وقال صاحب التتمة: ليس له ذلك. قال النووي: هذا أقوى .

ومنها: إذا قاسم شريكه، فيبيع ما صار إليه قبل القبض من الشريك، يبنى على أن القسمة بيع، أو إقرار نصيب .




الخدمات العلمية