الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وآداب النوم عشرة : الأول : الطهارة والسواك قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام العبد على طهارة عرج بروحه إلى العرش ، فكانت رؤياه صادقة وإن لم ينم على طهارة قصرت روحه عن البلوغ فتلك المنامات أضغاث أحلام لا تصدق " وهذا أريد به طهارة الظاهر و الباطن جميعا ، وطهارة الباطن هي المؤثرة في انكشاف حجب الغيب .

الثاني : أن يعد عند رأسه سواكه وطهوره وينوي القيام للعبادة عند التيقظ وكلما انتبه استاك كذلك كان يفعل بعض السلف ، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يستاك في كل ليلة مرارا ؛ عند كل نومة وعند التنبه منها وإن لم تتيسر لهم الطهارة كانوا يستحبون مسح الأعضاء بالماء فإن لم يجد فليقعد على قراءته ، وليستقبل القبلة ، وليشتغل بالذكر والدعاء والتفكر في آلاء الله تعالى وقدرته فذلك يخرجه ويقوم مقام قيام الليل ، وقال صلى الله عليه وسلم : من أتى " فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى يصبح كتب له ما نوى ، وكان نومه صدقة من الله تعالى.

الثالث : أن لا يبيت من له وصية إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه فإنه لا يأمن القبض في النوم فإن : من مات من غير وصية لم يؤذن له في الكلام بالبرزخ إلى يوم القيامة يتزاوره الأموات ويتحدثون وهو لا يتكلم ، فيقول بعضهم لبعض : هذا المسكين مات من غير وصية وذلك مستحب خوف ؛ موت الفجأة وموت الفجأة تخفيف إلا لمن ليس مستعدا للموت بكونه ؛ مثقل الظهر بالمظالم. الرابع أن : ينام تائبا من كل ذنب سليم القلب لجميع المسلمين لا يحدث نفسه بظلم أحد ، ولا يعزم على معصية إن استيقظ قال صلى الله عليه وسلم : " من أوى إلى فراشه لا ينوي ظلم أحد ، ولا يحقد على أحد ، غفر له ما اجترم " الخامس أن لا : يتنعم بتمهيد الفرش الناعمة بل يترك ذلك أو يقتصد فيه كان بعض السلف يكره التمهيد للنوم ويرى ، ذلك تكلفا وكان أهل الصفة لا يجعلون بينهم وبين التراب حاجزا ويقولون : منها خلقنا وإليها نرد وكانوا يرون ذلك أرق لقلوبهم ، وأجدر بتواضع نفوسهم فمن لم تسمح بذلك فليقتصد .

السادس : أن لا ينام ما لم يغلبه النوم ، ولا يتكلف استجلابه ، إلا إذا قصد به الاستعانة على القيام في آخر الليل فقد كان نومهم غلبة وأكلهم فاقة وكلامهم ، ضرورة ولذلك وصفوا بأنهم كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وإن غلبه النوم عن الصلاة والذكر وصار لا يدري ما يقول فلينم حتى يعقل ما يقول وكان ابن عباس رضي الله عنه يكره النوم قاعدا وفي الخبر : " لا تكابدوا الليل " وقيل لرسول الله : صلى الله عليه وسلم " إن فلانة تصلي بالليل ، فإذا غلبها النوم تعلقت بحبل ، فنهى عن ذلك ، وقال : ليصل أحدكم من الليل ما تيسر له ، فإذا غلبه النوم فليرقد " وقال صلى الله عليه وسلم : تكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لن يمل حتى تملوا وقال صلى الله عليه وسلم : " خير هذا الذين أيسره "

التالي السابق


( وآداب النوم عشرة: الأول: الطهارة والسواك) أي: لا ينام إلا وهو متطهر، وقد استعمل السواك، قال صاحب العوارف: والمريد المتأهل إذا نام على الفراش مع الزوجة ينتقض وضوؤه باللمس، ولا تفوته بذلك فائدة النوم على الطهارة ما لم يسترسل في التذاذ النفس باللمس ولا بعدم يقظة القلب، فأما إذا استرسل في الالتذاذ فتحجب الروح لمكان صلابته .

( قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا نام العبد على طهارة عرج بروحه إلى العرش، فكانت رؤياه صادقة، وإن لم ينم على طهارة قصرت روحه عن البلوغ فتلك المنامات أضغاث أحلام لا تصدق") قال العراقي: رواه الطبراني في الأوسط من حديث علي: "ما من عبد ولا أمة ينام فيستثقل نوما إلا عرج بروحه إلى العرش، فالذي لا يستيقظ إلا عند العرش فتلك الرؤيا التي تكذب" وسنده ضعيف. اهـ .

قلت: ورواه الحاكم وصححه، وتعقب، ولفظه: "فيمتلئ نوما فيستثقل" .

( وهذا أريد به طهارة الظاهر) عن الأحداث ( و) من الطهارة التي تثمر صدق الرؤيا طهارة ( الباطن) من خدوش الهوى، وكدورة محبة الدنيا، والنقاوة من الأدناس الطبيعية ( جميعا، وطهارة الباطن هي المؤثرة في انكشاف حجب الغيب) وغرائب الأنباء، وبها يحصل مقام المكالمة والمحادثة .

( الثاني: أن يعد عند رأسه) أي: قريبا منه ( سواكه وطهوره وينوي) في قلبه ( القيام للعبادة عند التيقظ) من المنام ( وكلما انتبه) من نومه ( استاك) فكان أدعى لنشاطه ( كذلك كان يفعل بعض السلف، وروي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يستاك في كل ليلة مرارا؛ عند كل نومة وعند التنبه منها) رواه مسلم عن ابن عباس "أنه كان -صلى الله عليه وسلم- يستاك من الليل مرارا" وتقدم ذلك في كتاب الطهارة .

( وإن لم تتيسر لهم الطهارة) بسبب الكسل وفتور العزيمة ( كانوا) يجتهدون أن يستاكوا، و ( يستحبون مسح الأعضاء بالماء) في تقلباتهم وانتباهاتهم، ففي ذلك فضل كبير لمن ثقل نومه، وقل قيامه ( فإن لم يجد) الماء فليتيمم، وإلا ( فليقعد على قراءته، وليستقبل القبلة، وليشتغل بالذكر والدعاء والتفكر في آلاء الله تعالى وقدرته) خصوصا في نومه وبعثه منه ( فذلك يخرجه) عن زمرة الغافلين؛ حيث تقاعد عن فعل المستيقظين ( ويقوم) هذا القدر ( مقام قيام الليل، وقال صلى الله عليه وسلم: "من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى يصبح كتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من الله تعالى") قال العراقي: رواه النسائي وابن ماجه من حديث أبي الدرداء بسند صحيح. اهـ .

قلت: وكذلك رواه الطبراني في الكبير، والحاكم، والبيهقي، ورواه ابن حبان، والحاكم والطبراني أيضا من حديث أبي ذر وأبي الدرداء معا .

روى أبو نعيم في الحلية من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "من نام عن حزبه وقد كان يريد أن يقوم فإن نومه صدقة تصدق الله بها عليه، وله أجر حزبه".

( الثالث: أن لا يبيت من له وصية) يوصي بها، أي: الذي عليه حقوق الناس، أو له مطالبات على الناس، أو لديه أمانات ( إلا ووصيته مكتوبة عنده) سواء في جيبه أو تحت رأسه ( فإنه لا يأمن من القبض في النوم) أي: لا يأمن أن تقبض روحه في نومه ذلك ( يقال: إن من مات عن غير وصية لم يؤذن له في الكلام) مع الموتى ( بالبرزخ إلى يوم القيامة) عقوبة له على ترك ما أمر به ( يتزاوره الأموات ويتحدثون) عنده ( وهو لا يتكلم، فيقول بعضهم لبعض: هذا المسكين مات عن غير وصية) فيكون ذلك حسرة عليه فيما بينهم، كذا في القوت .

قلت: روي ذلك مرفوعا من حديث قيس بن قبيصة بلفظ: "من لم يوص لم يؤذن له في الكلام مع [ ص: 159 ] الموتى، قيل: يا رسول الله، ويتكلمون؟ قال: نعم، ويتزاورون" رواه أبو الشيخ في كتاب الوصايا .

وأخرج ابن أبي الدنيا "أن حفارا حفر قبرا، ونام عنده، فأتته امرأتان، فقالت إحداهما: أنشدك بالله إلا صرفت هذه المرأة عنا، فأستيقظ فإذا بامرأة جيء بها فدفنتها في قبر آخر، فرأى تلك الليلة المرأتين، تقول إحداهما: جزاك الله خيرا، فقال: ما لصاحبتك لم تتكلم؟! قالت: ماتت بغير وصية، ومن لم يوص لم يتكلم إلى يوم القيامة" .

وروى ابن ماجه من حديث جابر: "من مات على وصية مات على سبيل وسنة، ومات على تقى وشهادة، ومات مغفورا له".

( وذلك) أي: الوصية ( مستحب؛ خوفا من موت الفجأة) بالضم ممدودا، وبالفتح مقصورا، مصدر فجأه الأمر، أي: بغته، وهو موت الفجأة، ويسمى أيضا الموت الأبيض؛ لخلوه من التوبة والاستغفار، وقضاء الحق، وغير ذلك .

( وموت الفجأة تخفيف) للمتأهب المراقب، ومستحب للمؤمن الفقير التواب الذي لا مال له، ولا دين عليه، فهو غير مكروه في حقه ( إلا من ليس مستعدا للموت؛ لكونه مثقل الظهر بالذنوب والمظالم) أي: حقوق الناس .

وقد روى أحمد، وأبو داود، عن عبيد بن خالد السلمي -رضي الله عنه- رفعه: "موت الفجأة أخذة أسف وروى أحمد والبيهقي من حديث عائشة: "موت الفجأة راحة للمؤمن وأخذة أسف للفاجر".

( والرابع: أن ينام تائبا من كل ذنب) صدر منه، بأن يتفكر فيه، ثم يتنصل عنه ( سليم القلب) نقي الباطن عن أدناس الغل والحقد والحسد لجميع المسلمين، لا يحدث نفسه ( بظلم أحد، ولا يعزم) بالجزم ( على معصية إن استيقظ) من منامه ( قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أوى إلى فراشه لا ينوي ظلم أحد، ولا يحقد على أحذ، غفر له ما اجترم") أي: اكتسب من الجرم .

قال العراقي: رواه ابن أبي الدنيا في كتاب السنة من حديث أنس: "من أصبح ولم يهتم بظلم أحد غفر له ما أجرم" وسنده ضعيف. اهـ .

قلت: ورواه كذلك ابن عساكر في التاريخ من طريق عيينة بن عبد الرحمن، عن إسحاق بن مرة، عن أنس. وإسحاق قال في الميزان عن الأزدي: متروك الحديث، وساق له في اللسان هذا الحديث، ثم قال: عيينة ضعيف جدا، وأعاده في اللسان في ترجمة عمار بن عبد الملك، وقال: أتى عنه بقية بعجائب، منها هذا الخبر .

ورواه الخطيب في التاريخ بلفظ: "من أصبح وهو لا ينوي ظلم أحد أصبح وقد غفر له ما جنى" وفي رواية: "وإن لم يستغفر" وقد رواه أيضا الديلمي، والمخلص، والبغوي، وابن عساكر أيضا، وابن أبي الدنيا والمخلص في فوائده، والبغوي من طريق أبي بسطام، عن أنس، ومعنى الحديث: من أصبح عازما على ترك ظلم الخلق مع قدرته على الظلم، لكنه عقد عزمه على ذلك امتثالا لأمر الشارع، وابتغاء مرضاته، أما من أصبح لا ينوي ظلم أحد لشهرة أو غفلة أو عجز أو شغل عنهم فلا ثواب له؛ لأنه لم ينو طاعة، ومن عزم فثواب عزمه غفران ما يطرأ من جناية؛ لعدم العصمة، فيغفر له بسالف نيته .

ويحتمل أنه على ظاهره؛ فإنه -صلى الله عليه وسلم- ذكر بهذا عبدا طهر الله قلبه، وصفى باطنه بمعرفة الله وخوفه ومراقبته عن وسخ الأخلاق الدنية من نحو حقد وغل، فإن حدث منه زلة لعدم العصمة غفر له وإن لم يستغفر؛ لأنه مختاره ومحبوبه، والغفران نعته، والله أعلم .

( الخامس: ألا يتنعم بتمهيد الفرش الناعمة) المحشوة بنحو قطن أو صوف أو ريش ( بل يترك ذلك) رأسا إن كان قصده طلب الآخرة ( أو يقتصد فيه) فيكتفي بما يحول بين التراب وبين جسده بنحو حصير وبساط ونحو ذلك، والفرش يطلق عليه على الوطاء والوساد، فالوساد ما يتوسد عليه برأسه، والوطاء ما يرقد عليه، والاقتصاد في كل منهما مطلوب، وقد كان بعضهم يقول: لأن أرى في بيتي شيطانا أحب إلي من أن أرى وسادة؛ فإنها تدعوني إلى النوم .

( وكان بعض السلف يكرهون التمهيد، ويرون ذلك تكلفا للنوم) أي: كأنه يتكلف بذلك جلب النوم وهو مكروه ( وكان أهل الصفة) رضي الله عنهم، وغيرهم من زهاد التابعين ( لا يتركون بينهم وبين التراب حاجزا) أي: مانعا، فكان أحدهم يباشر التراب بجلده، ويطرح الثوب فوقه ( ويقولون: منها) أي: الأرض ( خلقنا وإليها نرد) ثانيا ( وكانوا يرون ذلك أرق لقلوبهم، وأجدر لتواضع نفوسهم) وهذا حال من يؤثر الآخرة على الدنيا، ولم يمل لزهرتها، بل المعهود من سيرة الصحابة ومن بعدهم أنهم كانوا ينامون على الأرض من غير حائل ( ويأكلون على الأرض) ويصلون على التراب ( فمن لا تسمح نفسه [ ص: 160 ] بذلك) لعادة تمرن عليها فإذا تركها تأذى جسده ( فليقتصد) وليكن ذلك بالتدريج والتمهيل لا مرة واحدة .

( السادس: أن لا ينام ما لم يغلبه النوم، ولا يتكلف استجلابه، إلا إذا قصد به الاستعانة على القيام في آخر الليل) فلا بأس حينئذ أن يستجلبه ويتكلف ويتحيل على تحصيله بكل وجه ( فقد كان) الصالحون ( نومهم غلبة) أي: لا ينامون إلا على غلبة، ويكرهون التعمل للنوم، قال صاحب القوت: وقد كان منهم من يمهد لنفسه بالنوم؛ ليتقوى بذلك على صلاة أوسط الليل وآخره للفضل في ذلك، وسئل فروة الشامي عن وصف الأبدال وكانوا يظهرون له، فقال: نومهم غلبة .

( وأكلهم فاقة، ونومهم ضرورة) وصمتهم حكمة، وعلمهم قدرة، أي: لا يأكلون إلا عن فاقة تصيبهم، فيقصدون بذلك التقوي على عبادة الله تعالى، ولا يتكلمون إلا إذا اضطروا إليه، ورأوا أنهم قد ندبوا إليه، وقيل لآخر: صف لنا الخائفين، فقال: أكلهم أكل المرضى، ونومهم نوم الغرقى .

( ولذلك وصفوا بأنهم كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) أي: ينامون، أي: وصفهم بقلة النوم، وهو لا يكون إلا عن القيام بطاعة الله ( وإن غلبه النوم) حتى يشغله ( عن الصلاة والذكر وصار لا يدري ما يقول) في صلاته وذكره ( فلينم حتى يعقل ما يقول) وينشط في خدمته، هكذا السنة، وفي الحديث ما يدل على ذلك، كما سيأتي للمصنف قريبا، وقد ( كان ابن عباس يكره النوم قاعدا) نقله صاحب القوت، ولعله إذا قصد بذلك، لا إذا غلبه فإنه معذور .

( وفي الخبر: "لا تكابدوا الليل") هكذا هو في القوت. وقال العراقي: رواه الديلمي في مسند الفردوس، من حديث أنس بسند ضعيف. وفي جامع سفيان الثوري موقوفا على ابن مسعود: "لا تغالبوا هذا الليل" اهـ .

قلت: رواه الديلمي من حديث أبان، عن أنس، بلفظ: "لا تكابدوا هذا الليل؛ فإنكم لا تطيقونه، وإذا تعسر أحدكم فلينم على فراشه؛ فإنه أسلم" وأبان ضعيف .

( وقيل: للنبي -صلى الله عليه وسلم- "إن فلانة تصلي بالليل، فإذا غلبها النوم تعلقت بحبل، فنهى عن ذلك، وقال: ليصل أحدكم من الليل ما تيسر له، فإذا غلبه النوم فليرقد") هكذا هو في القوت، وقال العراقي: متفق عليه من حديث أنس. اهـ .

قلت: لفظ الصحيحين: عن أنس "دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسجد، وحبل ممدود بين ساريتين، فقال: ما هذا؟ فقالوا لزينب، تصلي فإذا كسلت أو فترت مسكت به، فقال: حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا كسل أحدكم أو فتر فليقعد" وهكذا رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان، ومعنى قوله: "فليقعد" أي: يتم صلاته قاعدا، وإذا فتر بعد فراغ بعض تسليماته فليأت بما بقي من نفله قاعدا، أو: فليقعد حتى يحدث له نشاط .

( وقال -صلى الله عليه وسلم-: تكلفوا) كذا في نسخ الكتاب، والرواية: اكلفوا، وهكذا في القوت وفي الصحيحين، من كلف يكلف، كفرح، أي: اولعوا وأحبوا ( من العمل ما تطيقون) الدوام عليه ( فإن الله -عز وجل- لن يمل حتى تملوا) يعني: لا يقطع ثوابه عمن قطع العمل ملالا، عبر عنه باسم الملل من تسمية الشيء باسم سببه، أو المراد: لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله، فتزهدوا في الرغبة إليه "وإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل" هكذا رواه الشيخان، وأحمد، وأبو داود، والنسائي من حديث عائشة.

( وقال -صلى الله عليه وسلم-: "خير هذا الدين أيسره") هكذا في القوت، وقال العراقي: رواه أحمد من حديث محجن بن الأدرع، وتقدم في الصلاة .

قلت: ورواه البخاري في الأدب، والطبراني، ولفظهم: "خير دينكم أيسره" ورواه الطبراني أيضا عن عمران بن حصين في الأوسط، وابن عدي والضياء عن أنس.

وروى ابن عبد البر في كتاب العلم، عن أنس: "خير دينكم أيسره، وخير الصلاة الفقه" وقد تقدم الكلام عليه في الصلاة .




الخدمات العلمية