الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وروت بسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس ، فلا تغفلن واعقدن بالأنامل فإنها مستنطقات يعني بالشهادة في القيامة .

وقال ابن عمر رأيته صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما شهد عليه أبو هريرة وأبو سعيد الخدري : " إذا قال العبد : لا إله إلا الله والله أكبر ، قال الله عز وجل : صدق عبدي ، لا إله إلا أنا ، وأنا أكبر . وإذا قال العبد : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، قال تعالى : صدق عبدي ، لا إله إلا أنا وحدي ، لا شريك لي ، وإذا قال : لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ، يقول الله سبحانه : صدق عبدي ، لا حول ولا قوة إلا بي ، ومن قالهن عند الموت لم تمسه النار .

" . وروى مصعب بن سعد عن أبيه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ فقيل : كيف ذلك يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : يسبح الله مائة تسبيحة فيكتب ، له ألف حسنة ويحط ، عنه ألف سيئة " وقال صلى الله عليه وسلم : " يا عبد الله بن قيس أو يا أبا موسى أولا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ قال : بلى ، قال قل : لا حول ولا قوة إلا بالله وفي رواية أخرى: ألا أعلمك كلمة من كنز تحت العرش لا حول ولا قوة إلا بالله " وقال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدلك على : " عمل من كنوز الجنة من تحت العرش قول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، يقول الله تعالى : أسلم عبدي واستسلم قال " صلى الله عليه وسلم : " من قال حين يصبح : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا وبالقرآن إماما ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا ، كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة " وفي رواية : " من قال ذلك رضي الله عنه " وقال مجاهد " إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله ، قال الملك : هديت ، فإذا قال : توكلت على الله ، قال الملك : كفيت ، وإذا قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، قال الملك : وقيت فتتفرق ، عنه الشياطين ، فيقولون : ما تريدون من رجل قد هدي وكفي ووقي لا سبيل لكم إليه .

؟!".

التالي السابق


( وروت يسيرة) بضم الياء التحتية، وفتح السين المهملة، مصغرة، ويقال: إنها بالهمز بدل الياء، ذكروها في الصحابة، وكنوها أم ياسر، وقال بعضهم: يسيرة بنت ياسر، والأكثر لم يذكروا اسم أبيها،، وذكر بعضهم أنها أنصارية، والصحيح أنها من المهاجرات ( عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، فلا تغفلن) بضم الفاء وسكون اللام، وهي لغة القرآن ( واعقدن بالأنامل فإنها مستنطقات) رواه عبد بن حميد، عن محمد بن بشر، عن هانئ بن عثمان، عن حميضة بنت ياسر، عن يسيرة، وكانتا من المهاجرات، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، ولا تغفلن، فتنسين الرحمة، واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات".

وأخرجه أحمد وابن سعد في الطبقات، عن محمد بن بشر. وأخرجه الترمذي، عن عبد بن حميد بهذا الإسناد، وقال: حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث هانئ بن عثمان. وأخرجه ابن حبان في صحيحه، عن أبي يعلى، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن بشر، وذكر حميضة في ثقات التابعين، ولا نعرف عنها راويا إلا ابنها هانئ بن عثمان، وهو كوفي، روى عنه جماعة .

وأخرج أبو داود، عن مسدد، عن عبد الله بن داود الخريبي، حدثنا هانئ بن عثمان الجهني، عن أمه حميضة بنت ياسر، عن جدتها يسيرة رضي الله عنها، أنها حدثتها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أمرهن أن يراعين التسبيح والتهليل والتقديس، وأن يعقدن الأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات".

وأخرجه أبو عبد الله بن منده، عن خيثمة بن سليمان، عن إسحاق بن سيار، عن الخريبي. ورواه الحاكم من وجه آخر عن الخريبي.

قال المصنف في تفسير قوله مستنطقات: ( يعني بالشهادة في القيامة) يعني: يستنطقن ويستشهدن في يوم القيامة .

( وقال ابن عمر) هكذا في سائر نسخ الكتاب، ويعني به عبد الله بن عمر بن الخطاب ( رأيته -صلى الله عليه وسلم- يعقد التسبيح) قال العراقي: إنما هو عبد الله بن عمرو بن العاص، كما رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي وحسنه، والحاكم اهـ .

قلت: رواه أبو داود، عن عبيد الله بن عمر القواريري ومحمد بن قدامة في آخرين قالوا: حدثنا هشام بن علي، حدثنا الأعمش، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعقد التسبيح" وقال في آخره: زاد محمد بن قدامة "بيمينه" .

وأخرجه الترمذي والنسائي في الكبرى، جميعا عن محمد بن عبد الأعلى، زاد النسائي: والحسين بن محمد الدارع، كلاهما عن هشام بن علي .

وأخرجه الحاكم من طريق عثام، ومن طريق شعبة، عن الأعمش، عن عطاء بن السائب.

وأخرجه الطبراني في الدعاء عن عمرو بن أبي الطاهر، عن يوسف بن عدي، عن عثام بن علي بسنده .

قال الحافظ: ومعنى العقد المذكور في الحديث: إحصاء العدد، وهو اصطلاح للعرب بوضع بعض الأنامل على بعض: "عقد أنملة أخرى" فالآحاد والعشرات باليمين، والمؤون والآلاف باليسار .

( وقد قال -صلى الله عليه وسلم- فيما شهد عليه أبو هريرة وأبو سعيد الخدري) رضي الله عنهما ( أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال العبد: لا إله إلا الله والله أكبر، قال الله عز وجل: صدق عبدي، لا إله إلا أنا، وأنا أكبر. وإذا قال العبد: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قال الله تعالى: صدق عبدي، لا إله إلا أنا، لا شريك لي، وإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، يقول الله سبحانه: صدق عبدي، لا حول ولا قوة إلا بي، ومن قالهن عند الموت لا تمسه النار". )

قال العراقي: رواه الترمذي، وقال: حسن، والنسائي في اليوم والليلة، وابن ماجه، والحاكم وصححه، انتهي .

قلت: لفظ الترمذي: "من قال: لا إله إلا الله والله أكبر صدقه ربه، وقال: لا إله إلا أنا وأنا أكبر، وإذا قال: لا إله إلا الله وحده، يقول الله: لا إله إلا أنا وحدي، وإذا قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قال الله: لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي، وإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، قال الله: لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد، وإذا قال: لا إله إلا الله [ ص: 18 ] ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله: لا إله إلا أنا، لا حول ولا قوة إلا بي، وكان يقول: من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار".

( وروى مصعب بن سعد) أبو زرارة المدني، نزل الكوفة، توفي سنة 102 ( عن أبيه) سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، أحد العشرة، فارس الإسلام، أسلم سابع سبعة، وله مناقب جمة، روى عنه بنوه إبراهيم وعمرو محمد وعامر ومصعب وعائشة، توفي سنة 55 ( عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ فقيل له: كيف ذلك؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: يسبح الله تعالى مائة تسبيحة، فتكتب له ألف حسنة، وتحط عنه ألف سيئة") قال العراقي: رواه مسلم، إلا أنه قال: "أو تحط" وقال الترمذي: "وتحط" كما قال المصنف، وقال: حسن صحيح. اهـ .

قلت: رواه عبد بن حميد، عن جعفر بن عون، عن موسى الجهني، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ قالوا: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: يسبح مائة تسبيحة فتكتب له ألف حسنة، وتحط عنه ألف خطيئة".

وهكذا أخرجه أحمد عن عبد الله بن نمير، ويعلى بن عبيد ويحيى القطان. وأخرجه مسلم من رواية مروان بن معاوية، ومن رواية علي بن مسهر، وابن نمير. وأخرجه الترمذي والنسائي من رواية يحيى القطان، خمستهم عن موسى الجهني.

وأخرجه أبو عوانة، عن محمد بن إسحاق الصغاني، وأبو نعيم من رواية محمد بن أحمد بن أبي المثنى، كلاهما عن جعفر بن عون بن موسى الجهني.

وقد حكى النووي قول الحميدي أنه في مسلم من جميع الروايات بلفظ: "أو تحط" وأن البرقاني ذكر أن شعبة وغيره رووه عن موسى الجهني بلفظ: "وتحط" .

قال الحافظ: ورواية شعبة عند أحمد والنسائي بالواو كما قال، وهو عند أحمد عن الثلاثة المذكورين في موضعين: أحدهما بلفظ: "وتمحى عنه ألف سيئة" والثاني باللفظ الذي ذكره مسلم، والله أعلم .

( وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا عبد الله بن قيس) وهو اسم أبي موسى الأشعري ( أو) قال ( يا أبا موسى) أي: ناداه بكنيته؛ لأنه كان مشهورا بها، وهو شك من الراوي ( أولا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قال: بلى، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله") هذا حديث صحيح، متفق عليه، أخرجه الأئمة الستة من طرق متعددة إلى أبي عثمان النهدي، واسمه عبد الرحمن بن مل.

منها: للبخاري عن موسى بن إسماعيل، عن عبد الواحد بن زياد، عن عاصم الأحول.

ومنها: لمسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن معاوية ومحمد بن فضيل، كلاهما عن عاصم.

*الأول: عن أبي عثمان، عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: "كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أيها الناس اربعوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا، وهو معكم، فسمعني وأنا أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال: يا عبد الله بن قيس ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله".

ورواه المحاملي، عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبي معاوية. وقال أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا عاصم الأحول، فذكره .

وقال أبو بكر الشافعي: حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري قال: "كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر فرقينا عقبة أو ثنية، وكان الرجل إذا علاها قال: لا إله إلا الله والله أكبر" فذكر الحديث بنحوه .

أخرجه البخاري، عن محمد بن مقاتل، عن عبد الله بن المبارك، عن سليمان التيمي وخالد الحذاء، فرقهما، كلاهما عن أبي عثمان النهدي.

وأخرجه مسلم عن أبي كامل الجحدري، عن يزيد بن زريع. وأخرجه أبو داود عن مسدد. وأبو عوانة عن إسحاق بن بسار، عن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن سليمان التيمي.

وقال المحاملي في الدعاء: حدثنا محمد بن الوليد، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، حدثنا خالد الحذاء، عن أبي عثمان، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ قلت: بلى، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله" أخرجه مسلم، عن إسحاق بن إبراهيم. والنسائي في الكبرى، عن عمرو بن العاص، كلاهما عن الثقفي. وقال المحاملي أيضا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا مرحوم بن عبد العزيز العطار، حدثنا أبو [ ص: 19 ] نعامة السعدي، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري قال: "كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزاة فقال: يا عبد الله بن قيس" فذكر مثله .

أخرجه الترمذي والنسائي في الكبرى، جميعا عن محمد بن بشار، عن مرحوم. ومن طرقه ما أخرجه أحمد وأبو داود من رواية حماد بن سلمة، عن ثابت البناني وعلي بن زيد، والجريري. وما أخرجه الشيخان من رواية حماد بن زيد، عن أبي أيوب السختياني. وما أخرجه مسلم والنسائي من رواية عثمان بن غياث، خمستهم عن أبي عثمان. ومنهم من اختصره، والله أعلم .

( وقال أبو هريرة) رضي الله عنه: ( قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عمل من كنز الجنة ومن تحت العرش قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، يقول الله تعالى: أسلم عبدي واستسلم" ) قال العراقي: رواه النسائي في اليوم والليلة .

وللحاكم: "من قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: أسلم عبدي واستسلم" وإسناده صحيح اهـ .

( وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من قال حين يصبح: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيا، كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة") قال العراقي: رواه أبو داود والنسائي في اليوم والليلة، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد من حديث خادم النبي -صلى الله عليه وسلم- ورواه الترمذي من حديث ثوبان، وقال: حسن، وفيه نظر؛ ففيه: سعيد بن المرزبان ضعيف جدا. اهـ .

قلت: رواه عبد الرزاق، وأحمد، وابن ماجه، وابن سعد، والروياني، والبغوي، وأبو نعيم، عن أبي سلام، عن رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم .

ورواه ابن قانع، عن أبي سلام، عن سابق خادم النبي صلى الله عليه وسلم .

ورواه الطبراني في الكبير، وابن أبي شيبة في المصنف، عن أبي سلام، عن خادم النبي -صلى الله عليه وسلم- كلهم بلفظ: "من قال حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة".

وأما حديث ثوبان عند الترمذي: فكما ساقه المصنف، إلا أنه قال: "من قال حين يمسي" بدل "حين يصبح" وروى ابن النحام، عن ثوبان بمثل سياق المصنف، إلا أنه زاد بعد قوله: "نبيا: وبالقرآن إماما" والباقي سواء .

( وفي رواية: "من قال ذلك رضي الله عنه") وروى الطبراني عن المقدومي: "من قال إذا أصبح: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، فأنا الزعيم، ولآخذن بيده حتى أدخله الجنة".

وروى ابن أبي شيبة في المصنف، عن عطاء بن يسار مرسلا: "من قال حين يمسي: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا فقد أصاب حقيقة الإيمان".

( وقال مجاهد) بن جبر التابعي مرسلا: ( "إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله، قال الملك: هديت، فإذا قال: توكلت على الله، قال الملك: كفيت، وإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، قال الملك: وقيت، فتفرق عنه الشياطين، فيقولون: ما تريدون من رجل قد هدي وكفي ووقي؟!". )

قلت: المشهور أن هذا من مرسل عون بن عبد الله بن عتبة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله، حسبي الله، توكلت على الله، قال الملك: كفيت وهديت ووقيت" إسناده قوي، على أنه قد روي ذلك مرفوعا من حديث أنس .

قال الطبراني في الدعاء: نا الحسين بن إسحاق، والتستري، حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأقوى قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا ابن جريج، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قال: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنه يقال له حينئذ: هديت وكفيت ووقيت، وتنحى عنه الشيطان" ورواه أيضا من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جريج نحوه، لكن زاد في أوله: "إذا خرج من بيته" وقال في آخره: "ويلقى الشيطان شيطان آخر فيقول: كيف لك برجل هدي ووقي وكفي؟!".

وهو حديث حسن، أخرجه الترمذي عن سعيد بن يحيى. وأخرجه ابن السني، عن المسيب بن واضح، عن الحجاج بن محمد. وأخرجه أبو داود، عن إبراهيم بن الحسن الخثعمي، والنسائي عن عبد الله بن محمد بن تميم، كلاهما عن حجاج بن محمد. وأخرجه ابن حبان، عن محمد بن المنذري بن سعيد، عن سعيد بن يحيى، وقال الترمذي: حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

قال الحافظ: رجاله رجال الصحيح؛ ولذلك صححه ابن حبان، لكن خفيت عليه علته، قال البخاري: لا أعرف لابن جريح عن إسحاق إلا هذا، ولا أعرف له [ ص: 20 ] منه سماعا. وقال الدارقطني: رواه عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج، قال: حدث عن إسحاق، قال: وعبد المجيد أثبت الناس في ابن جريج، والله أعلم .




الخدمات العلمية