الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
آداب إجابة الدعوة إلى الطعام .

" وللإجابة خمسة آداب :

الأول : أن لا يميز الغني بالإجابة عن الفقير ، فذلك هو التكبر المنهي عنه ولأجل ذلك ، امتنع بعضهم عن أصل الإجابة وقال انتظار المرقة ذل ، وقال آخر إذا وضعت يدي في قصعة غيري فقد ذلت له رقبتي ومن المتكبرين من يجيب الأغنياء دون الفقراء وهو خلاف السنة .

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة العبد ودعوة المسكين .

ومر الحسن بن علي رضي الله عنهما بقوم من المساكين الذين يسألون الناس على الطريق وقد نشروا كسرا على الأرض في الرمل وهم يأكلون وهو على بغلته فسلم عليهم فقالوا له : هلم إلى الغداء يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : نعم ، إن الله لا يحب المستكبرين فنزل وقعد معهم على الأرض ، وأكل ، ثم سلم عليهم وركب وقال : قد أجبتكم فأجيبوني . قالوا : نعم فوعدهم وقتا معلوما ، فحضروا فقدم إليهم فاخر الطعام وجلس يأكل معهم .

التالي السابق


(وللإجابة خمسة آداب: الأول: أن لا يميز الغني بالإجابة عن الفقير، فذلك هو التكبر المنهي عنه، ولذلك امتنع بعضهم عن أصل الإجابة) اعلم أن الدعوة المختصة بالأغنياء اختلف في إجابتها، فظاهر حديث: " شر الطعام طعام الوليمة" وفيه: " ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله" صريح في وجوبها، واقتضاء كلام شراح مسلم وصرح به الطيبي فقال: والحاصل أن الإجابة واجبة فيجيب الدعوة ويأكل شر الطعام. اهـ .

لكن الذي أطلقه الشافعية عدم الوجوب إذا خص الأغنياء وإليه يشير كلام المصنف كما ترى، وقد ينزل الوجوب على ما إذا خصهم لا لغناهم بل لجوار أو اجتماع حرفة أو غير ذلك، والله أعلم .

(وقال) بعض المتكبرين: أنا لا أجيب دعوة، قيل له: ولم ؟ قال (انتظار المرقة ذل، وقال آخر) منهم: (إذا وضعت يدي في قصعة غيري فقد ذلت له رقبتي) نقل القولين صاحب "القوت " (ومن التكبر من يجيب) دعوة (الأغنياء) لعظمهم في عينه (دون الفقراء) لكبره في نفسه، ومنهم من لا يجيب إلا نظراءه وأشكاله من مثل طبقته ومرتبته في الرياسة في الدنيا، (وهو خلاف السنة) فقد ورد في الإجابة فعلا وقولا ; أما فعلا فما روي أنه (كان -صلى الله عليه وسلم- يجيب دعوة العبد ودعوة المسكين) هكذا هو في "القوت "، قال العراقي : رواه الترمذي وابن ماجه من حديث أنس دون ذكر المسكين، وضعفه الترمذي وصححه الحاكم . اهـ .

قلت: ورواه ابن سعد في الطبقات، وعند الحاكم كان يردف خلفه ويضع طعامه على الأرض، ويجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار، وأما قولا فيما تقدم آنفا: " ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله " بعد قوله " شر الطعام طعام الوليمة " (ومر الحسن بن علي) كذا في النسخ ومثله في العوارف، وفي بعض نسخ الكتاب: الحسين بن علي (رضي الله عنهما) ومثله في "القوت " (بقوم من المساكين الذين يسألون الناس على قارعة [ ص: 242 ] الطريق) أي: ممر الناس حيث يقرعون بنعالهم (وقد نشروا كسرا) من الخبز (على الأرض في الرمل وهم يأكلون) ، وكان (هو على بغلته فسلم عليهم) لما مر عليهم فردوا عليه (فقالوا: هلم إلى الغذاء يا ابن رسول الله، فقال: نعم، إن الله لا يحب المستكبرين) ثم ثنى وركه (فنزل) عن دابته (وقعد معهم على الأرض، وأكل، ثم سلم عليهم وركب) .

وفي خبر آخر زيادة: (وقال: قد أجبتكم فأجيبوني. قالوا: نعم فوعدهم) المجيء (وقتا) من النهار (معلوما، فحضروا) فرحب بهم ورفع مجلسهم (فقدم إليهم) . ولفظ " القوت " ثم قال: يا وذات هاتي ما كنت تدخرين، فأخرجت الجارية (فاخر) ما عندها من (الطعام وجلس يأكل معهم) رضي الله عنه وأرضاه عنا .




الخدمات العلمية