الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث : أن يكون العمل مقدورا على تسليمه حسا وشرعا فلا يصح استئجار الضعيف على عمل لا يقدر عليه .

ولا استئجار الأخرس على التعليم ونحوه

التالي السابق


(الثالث: أن يكون العمل مقدورا على تسليمه حسا وشرعا) ويكون المؤجر قادرا على ذلك، وإلا لم يجز بذل المال في مقابلته، كما في البيع، وأشار المصنف إلى المعجوز عنه حسا بقوله: (فلا يصح استئجار الضعيف على عمل لا يقدر عليه، ولا استئجار الأخرس على التعليم) أي: تعليم القرآن (وغيره) وكذا استئجار من لا يحسن القرآن لقراءة القرآن، فإنه لا يجوز، سواء وسع الوقت عليه بحيث يمكنه التعلم قبل التعليم أم لا; لأن المنفعة مستحقة من عينه، والعين لا تقبل التأخير، وكذا لا يجوز استئجار الأعمى لحفظ المتاع; لعدم قدرته عليه .



ومن فروع هذه المسألة: لا تصلح إجارة العبد الآبق، سواء كان معروفا مكانه أم لا، واستئجار العبد المغصوب الذي لا يقدر المؤجر ولا المستأجر على انتزاعه من يد الغاصب، كما لا يصح بيعهما، وأما إذا قدر المستأجر على نزعه من يد الغاصب فصحة الإجارة على الخلاف في صحة بيعه، في باب البيع .

ولو استأجر قطعة أرض لا ماء لها للزراعة، فهو باطل، وإن استأجر للسكون فهو جائز، وإن أطلق وكان في محل يتوقع الزراعة كان كالتصريح بالمزارعة، وإن كان الماء متوقعا، ولكن على الندور، ففاسد، بناء على الحال، وإن كان يعلم وجود الماء فصحيح، وإن كان يغلب وجود الماء بالأمطار فنص أنه فاسد; نظرا إلى العجز في الحال، وقيل: إنه صحيح .

وإن استأجر أرضا والماء مستو عليها في الحال، ولا يعلم انحساره، فهو باطل، وإن علم انحساره فهو صحيح إن تقدمت رؤية الأرض، [ ص: 462 ] أو كان الماء صافيا لا يمنع رؤية الأرض .

ومن فروع هذه المسألة: إجارة الدار للسنة القابلة فاسدة; إذ لا تسلط عليه عقيب العقد مع اعتماد العقد العين، خلافا لمالك، وأبي حنيفة .

ولو أجره سنة ثم أجر من نفس المستأجر للسنة الثانية، فوجهان .

ولو قال: استأجرت هذه الدابة لأركبها نصف الطريق، وأترك النصف إليك، قال المزني: هو إجارة إلى الزمان القابل، إذ لا يتعين له النصف الأول، وقال غيره: يصح، فهو كاستئجار نصف الدابة، ونصف الدار .




الخدمات العلمية