الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فصل: ومن المتزهدين من قوته الانقطاع في مسجد أو رباط أو جبل فلذته علم الناس بانفراده وربما احتج لانقطاعه بأني أخاف أن أرى في خروجي المنكرات وله في ذلك مقاصد منها الكبر واحتقار الناس، ومنها أنه يخاف أن يقصروا في خدمته ومنها حفظ ناموسه ورياسته فإن مخالطة الناس تذهب ذلك وهو يريد أن يبقى إطراؤه وذكره. وربما كان مقصوده ستر عيوبه ومقابحه وجهله بالعلم فيرى هذا ويحب أن يزار ولا يزور ويفرح بمجيء الأمراء إليه واجتماع العوام على بابه وتقبيلهم يده. فهو يترك عيادة المرضى وشهود الجنائز ويقول أصحابه: اعذروا الشيخ فهذه عادته - لا كانت عادة تخالف الشريعة.

[ ص: 150 ] ولو احتاج هذا الشخص إلى القوت ولم يكن عنده من يشتريه له صبر على الجوع لئلا يخرج لشراء ذلك بنفسه فيضيع جاهه لمشيه بين العوام، ولو أنه خرج فاشترى حاجته لانقطعت عنه الشهرة ولكن في باطنه حفظ الناموس. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى السوق ويشتري حاجته ويحملها بنفسه، وكان أبو بكر رضي الله عنه يحمل الثياب على كتفه فيبيع ويشتري. والحديث بإسناد عن محمد بن القاسم قال: روي عن عبد الله بن حنظلة قال مر عبد الله بن سلام وعلى رأسه حزمة حطب فقال له ناس: ما يحملك على هذا وقد أغناك الله؟ قال: أردت أن أدفع به الكبر وذلك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة عبد في قلبه مثقال ذرة من الكبر.

التالي السابق


الخدمات العلمية