الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[فصل]

: ومن هؤلاء من قارب الفتنة فوقع فيها ولم تنفعه دعوى الصبر والمجاهدة ، والحديث بإسناد عن إدريس بن إدريس قال : حضرت بمصر قوما من الصوفية . ولهم غلام أمرد يغنيهم قال : فغلب على رجل منهم أمره فلم يدر ما يصنع فقال : يا هذا قل لا إله إلا الله ، فقال الغلام لا إله إلا الله فقال أقبل الفم الذي قال لا إله إلا الله . (القسم السادس ) قوم لم يقصدوا صحبة المردان وإنما يتوب الصبي ويتزهد ويصحبهم على طريق الإرادة فليس إبليس عليهم ويقول لا تمنعوه من الخير يتكرر نظرهم إليه لا عن قصد فيثير في القلب الفتنة إلى أن ينال الشيطان منهم قدر ما يمكنه . وربما وثقوا بدينهم فاستفزهم الشيطان فرماهم إلى أقصى المعاصي كما فعل ببرصيصا .

قال المصنف رحمه الله : وقد ذكرنا قصته في أول الكتاب وغلطهم من جهة تعرضهم بالفتن وصحبة من لا يؤمن الفتنة في صحبته .

(القسم السابع ) . قوم علموا أن صحبة المردان والنظر إليهم لا يجوز غير أنهم لم يصبروا عن ذلك . والحديث بإسناد عن الرازي يقول : قال يوسف بن الحسين : كل ما رأيتموني أفعله فافعلوه إلا صحبة الأحداث فإنها أفتن الفتن . ولقد عاهدت ربي أكثر من مائة مرة أن لا أصحب حدثا ففسخها علي حسن الخدود وقوام القدود وغنج العيون وما سألني الله معهم عن معصية . وأنشد صريع الغواني في معنى ذلك شعرا :


إن ورد الخدود والحدق النجـ ـل وما في الثغور من أقحوان     واعوجاج الأصداغ في ظاهر الخد
وما في الصدور من رمان     تركتني بين الغواني صريعا
فلهذا أدعى صريع الغواني

قال المصنف رحمه الله : قلت هذا الرجل قد فضح نفسه في شيء ستره الله عليه وأخبر أنه كلما رأى فتنة نقض التوبة فأين عزائم التصوف في حمل النفس على المشاق ثم ظن بجهله أن المعصية هي الفاحشة فقط ولو كان له علم لعلم أن صحبتهم والنظر إليهم معصية . فانظر إلى الجهل كيف يصنع بأربابه . والحديث [ ص: 266 ] بإسناد عن محمد بن عمر أنه قال : حكي لي عن أبي مسلم الخمشوعي أنه نظر إلى غلام جميل فأطال . ثم قال سبحان الله ما أهجم طرفي عن مكروه نفسه وأدمنه على سخط سيده وأغراه بما قد نهي عنه وأبهجه بالأمر الذي قد حزر عنه . لقد نظرت إلى هذا نظرا لا أحسب إلا أنه سيفضحني عند جميع من عرفني في عرصات القيامة ولقد تركني نظري هذا وأنا أستحي من الله تعالى وإن غفر لي ثم صعق . وبإسناد عن أبي بكر محمد بن عيد يقول : سمعت أبا الحسين النوري يقول رأيت غلاما جميلا ببغداد فنظرت إليه ثم أردت أن أردد النظر فقلت له تلبسون النعال الصرارة ، وتمشون في الطرقات فقال أحسنت الحشر بالعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية