الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فصل: قال المصنف: لبس الفوط المرقعات

قال المصنف وإنما أكره لبس الفوط المرقعات لأربعة أوجه أحدها أنه ليس من لباس السلف وإنما كان السلف يرقعون ضرورة والثاني أنه يتضمن ادعاء الفقر وقد أمر الإنسان أن يظهر نعمة الله عليه والثالث أنه إظهار للزهد وقد أمرنا بستره. والرابع أنه تشبه بهؤلاء المتزحزحين عن الشريعة ومن تشبه بقوم فهو منهم.

وقد أخبرنا ابن الحسين ، نا ابن المذهب ، نا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد ثني أبي ثنا أبو النصر ، ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، ثنا حسان بن عطية ، عن أبي منيب الحرسي ، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم". وقد أنبأنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر قال أخبرني أبي قال لما دخلت بغداد في رحلتي الثانية قصدت الشيخ أبا محمد عبد الله بن أحمد السكري لأقرأ عليه أحاديث - وكان من المنكرين على هذه الطائفة - فأخذت في القراءة فقال أيها الشيخ إنك لو كنت من هؤلاء الجهال الصوفية لعذرتك أنت رجل من أهل العلم تشتغل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسعى في طلبه. فقلت أيها الشيخ وأي شيخ أنكرت علي حتى أنظر فإن كان له أصل في الشريعة لزمته وإن لم يكن له أصل في الشريعة تركته. فقال ما هذه الشوازك التي في مرقعتك؟ فقلت [ ص: 184 ] أيها الشيخ هذه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما تخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له جبة مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج، وإنما وقع الإنكار لأن هذه الشوازك ليست من جنس الثوب والديباج ليس من الجبة فاستدللنا بذلك على أن لهذا أصلا في الشرع يجوز مثله.

قال المصنف: قلت لقد أصاب السكري في إنكاره وقل فقه ابن طاهر في الرد عليه فإن الجبة المكفوفة الجيب والكمين قد جرت العادة بلبسها كذلك فلا شهرة في لبسها، فأما الشوازك فتجمع شهرة الصورة وشهرة دعوى الزهد وقد أخبرتك أنهم يقطعون الثياب الصحاح ليجعلوها شوازك لا عن ضرورة يقصدون الشهرة لحسن ذلك والشهرة بالزهد ولهذا وقعت الكراهية، وقد كرهها جماعة من مشايخهم كما بينا.

أخبرنا أبو بكر بن حبيب العامري ، نا أبو سعد بن أبي صادق ، ثنا أبو عبد الله بن باكويه قال سمعت الحسين بن أحمد الفارسي يقول سمعت الحسين بن هند يقول سمعت جعفرا الحذاء يقول: لما فقد القوم الفوائد من القلوب اشتغلوا بالظواهر وتزيينها يعني بذلك - أصحاب المصبغات والفوط - أخبرنا ابن حبيب ، نا ابن صادق ، ثنا ابن باكويه أخبرنا أبو يعقوب الخراط قال سمعت الثوري يقول: كانت المرقعات غطاء على الدر فصارت جيفا على مزابل. قال ابن باكويه وأخبرني أبو الحسن الحنظلي قال نظر محمد بن محمد بن علي الكتاني إلى أصحاب المرقعات فقال: إخواني إن كان لباسكم موافقا لسرائركم لقد أحببتم أن يطلع الناس عليها، وإن كانت مخالفة لسرائركم فقد هلكتم ورب الكعبة. أخبرنا محمد بن ناصر أنبأنا أبو بكر بن خلف ، ثنا محمد بن الحسين السلمي قال سمعت نصر بن أبي نصر يقول قال أبو عبد الله محمد بن عبد الخالق الدينوري لبعض أصحابه لا يعجبنك ما ترى من هذه اللبسة الظاهرة عليهم فما زينوا الظواهر إلا بعد أن خربوا البواطن، وقال ابن عقيل: دخلت يوما الحمام فرأيت على بعض أوتاد السلخ جبة مشوزكة مرقعة بفوط فقلت للحمامي أرى سلخ الحية فمن داخل؟ فذكر لي بعض من يتصفف للبلاء حوشا للأموال.

التالي السابق


الخدمات العلمية