الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[فصل]:

ومن الهند البراهمة قوم قد حسن لهم إبليس أن يتقربوا بإحراق نفوسهم، فيحفر للإنسان منهم أخدود، وتجتمع الناس، فيجيء مضمخا بالخلوق، والطيب، وتضرب المعازف، والطبول، والصنوج ويقولون: طوبى لهذه النفس التي تعلق إلى الجنة، ويقول هو: ليكن هذا القربان مقبولا، ويكون ثواب الجنة، ثم يلقي نفسه في الأخدود فيحترق، فإن هرب نابذوه، ونفوه، وتبرؤوا منه حتى يعود، ومنهم من يحمي له الصخر، فلا يزال يلزم صخرة صخرة حتى يثقب جوفه، ويخرج معاه فيموت، ومنهم من يقف قريبا من النار إلى أن يسيل ودكه فيسقط، ومنهم من يقطع من ساقه وفخذه قطعا، ويلقيها إلى النار، والناس يزكونه، ويمدحونه، ويسألون مثل مرتبته حتى يموت، ومنهم من يقف في أخثاء البقر إلى ساقه، ويشعل النار فيحترق، ومنهم من يعبد الماء ويقول: هو حياة كل شيء فيسجد له، ومنهم من يجهز له أخدود قريب من الماء، فيقع في الأخدود حتى إذا التهب قام فانغمس في الماء، ثم رجع إلى الأخدود حتى يموت، فإن مات وهو بينهما حزن أهله، وقالوا: حرم الجنة، وإن مات في أحدهما شهدوا له بالجنة، ومنهم من يزهق نفسه بالجوع والعطش، فيسقط أولا عن المشي، ثم عن الجلوس، ثم ينقطع كلامه، ثم تبطل حواسه، ثم تبطل حركته، ثم يخمد، ومنهم من يهيم في الأرض حتى يموت، ومنهم من يغرق نفسه في النهر، ومنهم من لا يأتي النساء، ولا يواري إلى العورة، ولهم جبل شاهق تحته شجرة، وعندها رجل بيده كتاب يقرأ فيه يقول: طوبى لمن ارتقى هذا الجبل وبعج بطنه، وأخرج أمعاءه بيده، ومنهم من يأخذ الصخور فيرض بها جسده حتى يموت، والناس يقولون: طوبى لك، وعندهم نهران، فيخرج أقوام من عبادهم يوم عيدهم، وهناك رجال فيأخذون ما على العباد من الثياب، ويبطحونهم، فيقطعونهم نصفين، ثم يلقون أحد النصفين في نهر، والنصف الآخر في نهر، ويزعمون أنهما يجريان إلى الجنة، ومنهم من يخرج إلى براح ومعه جماعة [ ص: 69 ] يدعون له، ويهنئونه بنيته، فإذا أضجر جلس وجمع له سباع الطير من كل جهة فيتجرد من ثيابه، ثم يمتد، والناس ينظرون إليه، فتبتدره الطير، فتأكله، فإذا تفرقت الطير جاءت الجماعة، فأخذوا عظامه، وأحرقوها، وتبركوا بها في أفعال طويلة قد ذكرها أبو محمد النوبختي يضيع الزمان في كتابتها، والعجب أن الهند قوم تؤخذ الحكمة عنهم، ويؤخذ عنهم دقائق الحكمة، وتلهم دقائق الأعمال، فسبحان من أعمى قلوبهم حتى قادهم إبليس هذا المقادم. قال: وفيهم من زعم أن الجنة ثنتان وثلاثون مرتبة، وأن مكث أهل الجنة في أدنى مرتبة منها أربع مائة ألف سنة وثلاثة وثلاثون ألف سنة وستمائة وعشرون سنة، وكل مرتبة أضعاف ما دونها، وأن النار اثنتان وثلاثون مرتبة منها ست عشر مرتبة فيها الزمهرير وصنوف عذابه. وست عشرة مرتبة فيها الحريق وصنوف عذابه.

التالي السابق


الخدمات العلمية