الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال المصنف رحمه الله: فانظروا رحمكم الله إلى عدم العلم كيف صنع بهذا الرجل وقد كان من أهل الخير ولو كان عنده علم لعلم أن ما فعله حرام عليه وليس لإبليس عون على العباد والزهاد أكثر من الجهل. أخبرنا أبو بكر بن حبيب ، نا أبو سعيد بن أبي صادق ، نا ابن باكويه قال سمعت الحسين بن أحمد الفارسي قال سمعت محمد بن داود الدينوري يقول سمعت ابن حديق يقول دخلنا المصيصة مع حاتم الأصم فعقد أنه لا يأكل فيها شيئا إلا حتى يفتح فمه ويوضع في فيه وإلا ما يأكل فقال لأصحابه: تفرقوا وجلس فأقام تسعة أيام لا يأكل فيها شيئا فلما كان في اليوم العاشر جاء إليه إنسان فوضع بين يديه شيئا يؤكل فقال كل فلم يجبه فقال هذا مجنون فأصلح لقمة وأشار بها إلى فمه فلم يفتح فمه ولم يتكلم فأخرج مفتاحا كان معه فقال كل وفتح فمه بالمفتاح ودس اللقمة في فمه فأكل ثم قال له إن أحببت أن ينفعك الله به فأطعم أولئك وأشار إلى أصحابه. أنبأنا محمد بن أبي طاهر ، نا علي بن المحسن التنوخي عن أبيه ثني محمد بن هلال بن عبد الله ثني القاضي أحمد بن سيار. قال حدثني رجل من الصوفية قال صحبت شيخا من الصوفية أنا وجماعة في سفر فجرى حديث التوكل والأرزاق وضعف اليقين فيها وقوته فقال الشيخ وحلف عل أيمانا عظيمة لا ذقت مأكولا أو يبعث لي بجام فالوذج حار لا آكله إلا بعد أن يحلف علي. قال وكنا نمشي في الصحراء فقالت له الجماعة إلا أنك غير مجاهد ومشى ومشينا فانتهينا إلى قرية وقد مضى يوم وليلتان لم يطعم فيها شيئا ففارقته الجماعة غيري فطرح نفسه في مسجد القرية مستسلما للموت ضعفا. فأقمت عليه فلما كان في ليلة اليوم الرابع وقد انتصف الليل وكاد الشيخ يتلف. إذا بباب المسجد قد فتح وإذا بجارية سوداء معها طبق مغطى. فلما رأتنا قالت أنتم غرباء أو من أهل القرية فقلت غرباء فكشفت الطبق وإذا بحام فالوذج يفور لحرارته فقدمت لنا الطبق وقالت [ ص: 305 ] كلوا فقلت له كل فقال لا أفعل فرفعت الجارية يدها فصفعته صفعة عظيمة وقالت والله لئن لم تأكل لأصفعنك هكذا إلى أن تأكل، فقال كل معي فأكلنا حتى فرغ الجام وهمت الجارية بالانصراف فقلت للجارية ما خبرك وخبر هذا الجام؟ فقالت أنا جارية لرئيس هذه القرية، وهو رجل حاد، طلب منا منذ ساعة فالوذج فقمنا نصلحه له فطال الأمر عليه فاستعجلنا فقلنا نعم! فعاد فاستعجل فقلنا نعم، فحلف بالطلاق لا أكله هو ولا أحد ممن هو داره ولا أحد من أهل القرية ولا يأكله إلا رجل غريب، فخرجنا نطلب في المساجد رجلا غريبا فلم نجد إلى أن انتهينا إليكم ولو لم يأكل هذا الشيخ لقتلته ضربا إلى أن يأكل لئلا تطلق سيدتي من زوجها، قال: فقال الشيخ كيف تراه إذا أراد أن يرزق.

التالي السابق


الخدمات العلمية