الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[فصل]

في عقوبة النظر إلى المردان ، عن أبي عبد الله بن الجلاء قال كنت أنظر إلى غلام نصراني حسن الوجه فمر بي أبو عبد الله البلخي . فقال إيش [ ص: 269 ] وقوفك فقلت : يا عم أما ترى هذه الصورة كيف تعذب بالنار . فضرب بيده بين كتفي . وقال لتجدن غبها ولو بعد حين . قال فوجدت غبها بعد أربعين سنة أن أنسيت القرآن . وبإسناد عن أبي الأديان وقال كنت مع أستاذي وأبي بكر الدقاق فمر حدث فنظرت إليه فرآني أستاذي وأنا أنظر إليه فقال يا بني لتجدن غبه ولو بعد حين . فبقيت عشرين سنة وأنا أراعي فما أجد ذلك الغب فنمت ذات ليلة وأنا مفكر فيه فأصبحت وقد أنسيت القرآن كله . وعن أبي بكر الكتاني قال رأيت بعض أصحابنا في المنام فقلت ما فعل الله بك قال عرض علي سيئاتي وقال فعلت كذا وكذا فقلت نعم . ثم قال وفعلت كذا وكذا فاستحييت أن أقره فقلت إني أستحي أن أقر فقال إني غفرت لك بما أقررت فكيف بما استحييت فقلت له ما كان ذلك الذنب فقال مر بي غلام حسن الوجه فنظرت إليه . وقد روي نحو هذه الحكاية عن أبي عبد الله الزراد أنه رئي في المنام فقيل له ما فعل الله بك قال غفر لي كل ذنب أقررت به في الدنيا إلا واحد فاستحييت أن أقر به فوقفني في العرق حتى سقط لحم وجهي . فقيل إنه ما الذنب فقال نظرت إلى شخص جميل . وقد بلغنا عن أبي يعقوب الطبري أنه قال كان معي شاب حسن الوجه يخدمني فجاءني إنسان من بغداد صوفي فكان كثير الالتفات إلى ذلك الشاب فكنت أجد عليه لذلك فنمت ليلة من الليالي فرأيت رب العزة في المنام فقال يا أبا يعقوب لم لم تنهه وأشار إلى البغدادي عن النظر إلى الأحداث فوعزتي إني لا أشغل بالأحداث إلا من باعدته عن قربي . قال أبو يعقوب فانتبهت وأنا أضطرب فحكيت الرؤيا للبغدادي فصاح صيحة ومات فغسلناه ودفناه ، واشتغل عليه قلبي فرأيته بعد شهر في النوم فقلت له ما فعل الله بك وبخني حتى خفت أن لا أنجو ثم عفا عني قلت : إنما مددت النفس يسيرا في هذا الباب لأنه مما تعم به البلوى عند الأكثرين فمن أراد الزيادة فيه وفيما يتعلق بإطلاق البصر وجميع أسباب الهوى فلينظر في كتابنا المسمى بذم الهوى . ففيه غاية المراد من جميع ذلك .

[ ص: 270 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية