الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (100) قوله تعالى : والسابقون : فيه وجهان ، أظهرهما : أنه مبتدأ ، وفي خبره ثلاثة أوجه ، أحدها : - وهو الظاهر- أنه الجملة الدعائية من قوله : " رضي الله عنهم " . والثاني : أن الخبر قوله : " الأولون " والمعنى : والسابقون أي بالهجرة [هم] الأولون من أهل هذه الملة ، أو السابقون إلى [ ص: 110 ] الجنة الأولون من أهل الهجرة . الثالث : أن الخبر قوله : من المهاجرين والأنصار والمعنى فيه الإعلام بأن السابقين من هذه الأمة من المهاجرين والأنصار ، ذكر ذلك أبو البقاء ، وفي الوجهين الأخيرين تكلف .

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني من وجهي " السابقين " : أن يكون نسقا على من يؤمن بالله أي : ومنهم السابقون . وفيه بعد .

                                                                                                                                                                                                                                      والجمهور على جر " الأنصار " نسقا على المهاجرين . يعني أن السابقين من هذين الجنسين . وقرأ جماعة كثيرة أجلاء : عمر بن الخطاب وقتادة والحسن وسلام وسعيد بن أبي سعيد وعيسى الكوفي وطلحة ويعقوب : " والأنصار " برفعها . وفيه وجهان أحدهما : أنه مبتدأ ، وخبره " رضي الله عنهم " . والثاني : عطف على " السابقون " . وقد تقدم ما فيه فيحكم عليه بحكمه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : بإحسان متعلق بمحذوف ؛ لأنه حال من فاعل " اتبعوهم " . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرى أن الواو ساقطة من قوله : " والذين اتبعوهم " ويقول : إن الموصول صفة لمن قبله ، حتى قال له زيد بن ثابت إنها بالواو فقال : ائتوني بأبي . فأتوه به فقال له : تصديق ذلك في كتاب الله في أول الجمعة : وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ، وأوسط الحشر : والذين [ ص: 111 ] جاءوا من بعدهم ، وآخر الأنفال : والذين آمنوا من بعد وهاجروا . وروي أنه سمع رجلا يقرؤها بالواو فقال : من أقرأك ؟ قال : أبي . فدعاه فقال : أقرأنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنك لتبيع القرظ بالبقيع . قال : صدقت وإن شئت قل : شهدنا وغبتم ، ونصرنا وخذلتم ، وآوينا وطردتم . ومن ثم قال عمر : لقد كنت أرانا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن كثير : تجري من تحتها بـ " من " الجارة ، وهي مرسومة في مصاحف مكة . والباقون " تحتها " بدونها ، ولم ترسم في مصاحفهم ، وأكثر ما جاء القرآن موافقا لقراءة ابن كثير هنا : تجري من تحتها في غير موضع .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية