الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (77) قوله تعالى : فقد سرق : الجمهور على " سرق " مخففا مبنيا للفاعل . وقرأ أحمد بن جبير الأنطاكي وابن أبي شريح عن الكسائي والوليد بن حسان عن يعقوب في آخرين " سرق " مشددا مبنيا للمفعول أي : نسب إلى السرقة . وفي التفسير : أن عمته ربته فأخذه أبوه منها ، فشدت في وسطه منطقة كانوا يتوارثونها من إبراهيم عليه السلام ففتشوا فوجدوها تحت ثيابه . فقال : هو لي فأخذته كما في شريعتهم ، وهذه القراءة منطبقة على هذا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : فأسرها الضمير المنصوب مفسر بسياق الكلام أي : فأسر الحزازة التي حصلت له من قولهم فقد سرق أخ له كقول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      2814 - أما وي ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

                                                                                                                                                                                                                                      والضمير في " حشرجت " يعود على النفس ، كذا ذكره الشيخ ، وقد جعل البيت مما فسر فيه الضمير بذكر ما هو كل لصاحب الضمير ، فلا يكون مما فسر فيه بالسياق . ولتحقيق هذا موضع آخر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري : " إضمار على شريطة التفسير ، تفسيره أنتم شر [ ص: 536 ] مكانا ، وإنما أنث لأن قوله " شر مكانا " جملة أو كلمة على تسميتهم الطائفة من الكلام كلمة ، كأنه قيل : فأسر الجملة أو الكلمة التي هي قوله : أنتم شر مكانا ، لأن قوله : قال أنتم شر مكانا بدل من أسرها " . قلت : وهذا عند من يبدل الظاهر من المضمر في غير المرفوع نحو : ضربته زيدا ، والصحيح وقوعه ، كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      2815 - فلا تلمه أن يخاف البائسا      ... ... ... ...

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ عبد الله وابن أبي عبلة : " فأسره " بالتذكير . قال الزمخشري : " يريد القول أو الكلام " . وقال أبو البقاء : " المضمر يعود إلى نسبتهم إياه إلى السرقة ، وقد دل عليه الكلام ، وقيل : في الكلام تقديم وتأخير تقديره : قال في نفسه : أنتم شر مكانا ، وأسرها أي هذه الكلمة " . قلت : ومثل هذا ينبغي أن لا يقال : فإن القرآن ينزه عنه . قوله : مكانا تمييز أي : منزلة من غيركم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية