الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (103) قوله تعالى : من أموالهم : يجوز فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلق بـ " خذ " و " من " تبعيضية . والثاني : أن تتعلق بمحذوف لأنها حال من " صدقة " إذ هي في الأصل صفة لها فلما قدمت نصبت حالا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : تطهرهم وتزكيهم يجوز أن تكون التاء في " تطهرهم " خطابا [ ص: 116 ] للنبي عليه السلام ، وأن تكون للغيبة ، والفاعل ضمير الصدقة . فعلى الأول تكون الجملة في محل نصب على الحال من فاعل " خذ " . ويجوز أيضا أن تكون صفة لـ " صدقة " ، ولا بد حينئذ من حذف عائد تقديره تطهرهم بها . وحذف " بها " لدلالة ما بعده عليه . وعلى الثاني تكون الجملة صفة لصدقة ليس إلا . وأما " وتزكيهم " فالتاء فيه للخطاب لا غير لقوله " بها " فإن الضمير يعود على الصدقة فاستحال أن يعود الضمير من " تزكيهم " إلى الصدقة ، وعلى هذا فتكون الجملة حالا من فاعل " خذ " على قولنا إن " تطهرهم " حال منها وإن التاء فيه للخطاب . ويجوز أيضا أن تكون صفة إن قلنا إن " تطهرهم " صفة ، والعائد منها محذوف .

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز مكي أن يكون " تطهرهم " صفة لصدقة على أن التاء للغيبة ، و " تزكيهم " حالا من فاعل " خذ " على أن التاء للخطاب . وقد ردوه عليه بأن الواو عاطفة أي : صدقة مطهرة ومزكيا بها ، ولو كان بغير واو جاز . قلت : ووجه الفساد ظاهر فإن الواو مشركة لفظا ومعنى ، فلو كانت " وتزكيهم " عطفا على " تطهرهم " للزم أن تكون صفة كالمعطوف عليه ، إذ لا يجوز اختلافهما ، ولكن يجوز ذلك على أن " تزكيهم " خبر مبتدأ محذوف ، وتكون الواو للحال تقديره : وأنت تزكيهم . وفيه ضعف لقلة نظيره في كلامهم .

                                                                                                                                                                                                                                      فتلخص من ذلك أن الجملتين يجوز أن تكونا حالين من فاعل " خذ " على أن تكون التاء للخطاب ، وأن تكونا صفتين لصدقة ، على أن التاء للغيبة ، والعائد محذوف من الأولى ، وأن تكون " تطهرهم " حالا أو صفة ، و " تزكيهم " حالا على ما جوزه مكي ، وأن تكون " تزكيهم " خبر مبتدأ محذوف ، والواو للحال .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 117 ] وقرأ الحسن : " تطهرهم " مخففا من " أطهر " عداه بالهمزة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : إن صلاوتك قرأ الأخوان وحفص : " إن صلاتك " ، وفي هود : " أصلاتك تأمرك " بالتوحيد ، والباقون : " إن صلواتك " " أصلواتك " بالجمع فيهما وهما واضحتان ، إلا أن الصلاة هنا الدعاء وفي تيك العبادة .

                                                                                                                                                                                                                                      والسكن : الطمأنينة قال :


                                                                                                                                                                                                                                      2542 - يا جارة الحي ألا كنت لي سكنا إذ ليس بعض من الجيران أسكنني



                                                                                                                                                                                                                                      ففعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى المقبوض والمعنى : يسكنون إليها . قال أبو البقاء : " ولذلك لم يؤنثه " لكن الظاهر أنه هنا بمعنى فاعل لقوله " لهم " ، ولو كان كما قال لكان التركيب " سكن إليها " أي مسكون إليها ، فقد ظهر أن المعنى : مسكنة لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية