الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (18) قوله تعالى : إنما يعمر مساجد الله : جمهور القراء من السبعة وغيرهم على الجمع . وقرأ الجحدري وحماد بن أبي سلمة عن ابن كثير بالإفراد . والتوجيه يؤخذ مما تقدم . والظاهر هنا أن الجمع هنا حقيقة ، لأن المراد جميع المؤمنين العائدين لجميع مساجد أقطار الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : سقاية الحاج وعمارة الجمهور على قراءتهما مصدرين على فعالة ، كالصيانة والوقاية والتجارة ، ولم تقلب الياء همزة ، لتحصنها بتاء التأنيث بخلاف رداء ، وعباءة لطروء تاء التأنيث فيها ، وحينئذ فلا بد من حذف مضاف : إما من الأول ، وإما من الثاني ليتصادق المجعولان ، والتقدير : أجعلتم أهل سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن ، أو أجعلتم السقاية والعمارة كإيمان من آمن ، أو كعمل من آمن .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن الزبير والباقر وأبو وجرة " سقاة " و " عمرة " بضم السين وبعد الألف تاء التأنيث ، وعمرة بفتح العين والميم دون ألف . وهما جمع ساق وعامر كما يقال : قاض وقضاة ورام ورماة وبار وبررة وفاجر وفجرة . والأصل : [ ص: 32 ] سقية ، فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها . ولا حاجة إلى تقدير حذف مضاف ، وإن احتيج إليه في قراءة الجمهور .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ سعيد بن جبير كذلك إلا أنه نصب " المسجد الحرام " بـ " عمرة " وحذف التنوين لالتقاء الساكنين كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      2475 - ... ... ... ... ولا ذاكر الله إلا قليلا

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : قل هو الله أحد الله الصمد .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الضحاك " سقاية " بضم السين و " عمرة " ، وهما جمعان أيضا ، وفي جمع " ساق " على فعالة نظر لا يخفى . والذي ينبغي أن يقال ولا يعدل [عنه] أن يجعل هذا جمعا لسقي ، والسقي هو الشيء المسقي كالرعي والطحن ، وفعل يجمع على فعال ، قالوا : ظئر وظؤار ، وكان من حقه أن لا تدخل عليه تاء التأنيث كما لم تدخل في " ظؤار " ، ولكنه أنث الجمع كما أنث في قولهم حجارة وفحولة . ولا بد حينئذ من تقدير مضاف أي : أجعلتم أصحاب الأشياء المسقية كمن آمن .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : لا يستوون في وجهان أظهرهما : أنها مستأنفة ، أخبر تعالى بعدم تساوي الفريقين . والثاني : أن يكون حالا من المفعولين للجعل والتقدير : سويتم بينهم في حال تفاوتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية