الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (7) قوله تعالى : ليبلوكم : في هذه اللام وجهان ، أحدهما : أنها متعلقة بمحذوف فقيل : تقديره : أعلم بذلك ليبلوكم . وقيل : ثم جمل محذوفة والتقدير : وكان خلقه لهما لمنافع يعود عليكم نفعها في الدنيا دون الآخرة وفعل ذلك ليبلوكم . وقيل : تقديره : وخلقكم ليبلوكم . والثاني : أنها متعلقة بـ " خلق " قال الزمخشري : " أي : خلقهن لحكمة بالغة وهي أن يجعلها مساكن لعباده وينعم عليهم فيها بصنوف النعم ويكلفهم فعل الطاعات واجتناب المعاصي ، فمن شكر وأطاع أثابه ، ومن كفر وعصى عاقبه ، ولما أشبه ذلك اختبار المختبر قال " ليبلوكم " ، يريد : ليفعل بكم ما يفعل المبتلي لأحوالكم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : أيكم أحسن مبتدأ وخبر في محل نصب بإسقاط الخافض ؛ لأنه معلق لقوله " ليبلوكم " . قال الزمخشري : " فإن قلت : كيف جاز تعليق فعل البلوى ؟ قلت : لما في الاختيار من معنى العلم ؛ لأنه طريق إليه فهو ملابس له كما تقول : " انظر أيهم أحسن وجها ، واسمع أيهم أحسن صوتا " لأن النظر والاستماع من طرق العلم " . وقد واخذه الشيخ في تمثيله بقوله " واسمع " قال : " لم أعلم أحدا ذكر أن " استمع " يعلق ، وإنما ذكروا من غير أفعال القلوب " سل " ، و " انظر " ، وفي جواز تعليق " رأى " البصرية خلاف " .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ولئن قلت : هذه لام التوطئة للقسم ، و " ليقولن " جوابه ، وحذف [ ص: 291 ] جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه ، و " إنكم " محكي بالقول ، ولذلك كسرت في قراءة الجمهور . وقرئ بفتحها ، وفيها تأويلان ذكرهما الزمخشري ، أحدهما : أنها بمعنى لعل ، قال : " من قولهم : " ائت السوق أنك تشتري لحما " ، أي : لعلك ، أي : ولئن قلت لهم : لعلكم مبعوثون بمعنى توقعوا بعثكم وظنوه ، ولا تبثوا القول بإنكاره ، لقالوا " . والثاني : أن تضمن " قلت " معنى " ذكرت " يعني فتفتح الهمزة لأنها مفعول " ذكرت " .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : إن هذا إلا سحر قد تقدم أنه قرئ " سحر " ، و " ساحر " ، فمن قرأ " سحر " فـ " هذا " إشارة إلى البعث المدلول عليه بما تقدم ، أو إشارة إلى القرآن لأنه ناطق بالبعث . ومن قرأ " ساحر " فالإشارة بـ " هذا " إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يراد بـ " هذا " في القراءة الأولى النبي صلى الله عليه وسلم أيضا ، ويكون جعلوه سحرا مبالغة ، أو على حذف مضاف ، أي : إلا ذو سحر . ويجوز أن يراد بـ " ساحر " نفس القرآن مجازا كقولهم " شعر شاعر " و " جد جده " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية