الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (57) قوله تعالى : فإن تولوا : أي : تتولوا فحذف إحدى التاءين ، ولا يجوز أن يكون ماضيا كقوله : " أبلغتكم " ، ولا يجوز أن يدعى فيه الالتفات ، إذ هو ركاكة في التركيب وقد جوز ذلك ابن عطية فقال : " ويحتمل أن يكون " تولوا " ماضيا ، ويجيء في الكلام رجوع من غيبة إلى خطاب " . وقلت : ويجوز أن يكون ماضيا لكن لمدرك آخر غير الالتفات : وهو أن يكون على إضمار القول ، أي : فقل لهم : قد أبلغتكم . ويترجح كونه ماضيا بقراءة عيسى والثقفي والأعرج " فإن تولوا " بضم التاء واللام ، مضارع ولى بضم التاء واللام مضارع ولي ، والأصل توليوا فأعل .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزمخشري : " فإن قلت : الإبلاغ كان قبل التولي فكيف وقع جزاء للشرط ؟ قلت : معناه فإن تتولوا لم أعاتب على تفريط على الإبلاغ ، وكنتم محجوجين بأن ما أرسلت به إليكم قد بلغكم فأبيتم إلا التكذيب .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ويستخلف العامة على رفعه استئنافا . وقال أبو البقاء " هو معطوف على الجواب بالفاء " . وقرأ عبد الله بن مسعود بتسكينه ، وفيه [ ص: 345 ] وجهان : أحدهما : أن يكون سكن تخفيفا لتوالي الحركات : والثاني : أن يكون مجزوما عطفا على الجواب المقترن بالفاء ، إذ محله الجزم وهو نظير قوله : فلا هادي له ويذرهم وقد تقدم تحقيقه ، إلا أن القراءتين ثم في المتواتر .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ولا تضرونه العامة على النون ، لأنه مرفوع على ما تقدم ، وابن مسعود بحذفها ، وهذا يعين أن يكون سكون " يستخلف " جزما ، ولذلك لم يذكر الزمخشري غيره ؛ لأنه ذكر جزم الفعلين ، ولما لم يذكر أبو البقاء الجزم في " تضرونه " جوز الوجهين في " يستخلف " .

                                                                                                                                                                                                                                      و " شيئا " مصدر ، أي : شيئا من الضرر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية