الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 65 ] آ . (53) قوله تعالى : طوعا أو كرها : مصدران في موضع الحال ، أي : طائعين أو كارهين . وقرأ الأخوان " كرها " بالضم وقد تقدم تحقيق ذلك في النساء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الشيخ هنا : " قرأ الأعمش وابن وثاب " كرها " بضم الكاف " . وهذا يوهم أنها لم تقرأ في السبعة . قال الزمخشري " هو أمر في معنى الخبر كقوله : فليمدد له الرحمن مدا ومعناه : لن يتقبل منكم : أنفقتم طوعا أو كرها ، ونحوه قوله تعالى : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم . وقوله- يعني كثير عزة- :


                                                                                                                                                                                                                                      2499 - أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      أي : لن يغفر الله لهم أستغفرت أو لم تستغفر ، ولا نلومك أحسنت إلينا أو أسأت ، وفي معناه قول القائل :


                                                                                                                                                                                                                                      2500 - أخوك الذي إن قمت بالسيف عامدا     لتضربه لم يستغشك في الود



                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عطية : " هذا أمر في ضمنه جزاء ، وهذا مستمر في كل أمر [ ص: 66 ] معه جزاء والتقدير : إن تنفقوا لن يتقبل منكم ، وأما إذا عري الأمر من الجواب فليس يصحبه تضمن الشرط " قال الشيخ : " ويقدح في هذا التخريج أن الأمر إذا كان فيه معنى الشرط كان الجواب لجواب الشرط ، فعلى هذا يقتضي أن يكون التركيب : " لن يتقبل " بالفاء لأن " لن " لا تقع جوابا للشرط إلا بالفاء فكذلك ما ضمن معناه ، ألا ترى جزمه الجواب في نحو : اقصد زيدا يحسن إليك " . قلت : إنما أراد أبو محمد تفسير المعنى ، وإلا فلا يجهل مثل هذه الواضحات . وأيضا فلا يلزم لأن يعطى الأمر التقديري حكم الشيء الظاهر من كل وجه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إنكم وما بعد جار مجرى التعليل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية