الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (61) قوله تعالى : أذن خير لكم : " أذن " خبر مبتدأ محذوف ، أي : قل هو أذن خير . والجمهور على جر " خير " بالإضافة . وقرأ الحسن ومجاهد وزيد بن علي وأبو بكر عن عاصم " أذن " بالتنوين ، " خير " بالرفع وفيها وجهان ، أحدهما : أنها وصف لـ " أذن " . والثاني : أن يكون خبرا بعد خبر . و " خير " يجوز أن تكون وصفا من غير تفضيل ، أي : أذن ذو خير لكم ، ويجوز أن تكون للتفضيل على بابها ، أي : أكثر خير لكم . وجوز صاحب " اللوامح " أن يكون " أذن " مبتدأ و " خير " خبرها ، وجاز الابتداء هنا بالنكرة لأنها موصوفة تقديرا ، أي : أذن لا يؤاخذكم خير لكم من أذن يؤاخذكم .

                                                                                                                                                                                                                                      ويقال : رجل أذن ، أي : يسمع كل ما يقال . وفيه تأويلان أحدهما : أنه سمي بالجارحة لأنها آلة السماع ، وهي معظم ما يقصد منه كقولهم للربيئة : عين . وقيل : المراد بالأذن هنا الجارحة ، وحينئذ تكون على حذف مضاف ، أي : ذو أذن . والثاني : أن الأذن وصف على فعل كأنف وشلل ، يقال : أذن يأذن فهو أذن ، قال :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 74 ]

                                                                                                                                                                                                                                      2506 - وقد صرت أذنا للوشاة سميعة ينالون من عرضي ولو شئت ما نالوا

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ورحمة ، قرأ الجمهور : " ورحمة " ، رفعا نسقا على " أذن ورحمة " ، فيمن رفع " رحمة " . وقال بعضهم : هو عطف على " يؤمن " ؛ لأن يؤمن " في محل رفع صفة لـ " أذن " تقديره : أذن مؤمن ورحمة . وقرأ حمزة والأعمش : " ورحمة " بالجر نسقا على " خير " المخفوض بإضافة " أذن " إليه . والجملة على هذه القراءة معترضة بين المتعاطفين تقديره : أذن خير ورحمة . وقرأ ابن أبي عبلة : " ورحمة نصبا على أنه مفعول من أجله ، والمعلل محذوف ، أي : يأذن لكم رحمة بكم ، فحذف لدلالة قوله : قل أذن خير .

                                                                                                                                                                                                                                      والباء واللام في " يؤمن بالله " " ويؤمن للمؤمنين " معديتان قد تقدم الكلام عليهما في أول هذه الموضوع . وقال الزمخشري : " قصد التصديق بالله الذي هو نقيض الكفر فعدى بالباء ، وقصد الاستماع للمؤمنين ، وأن يسلم لهم ما يقولون فعدى باللام ، ألا ترى إلى قوله : وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين . ما أنباه عن الباء ، ونحوه : فما آمن لموسى أنؤمن لك واتبعك الأرذلون آمنتم له . وقال ابن قتيبة : " هما زائدتان ، والمعنى : يصدق الله ويصدق المؤمنين " وهذا قول مردود ، ويدل على عدم الزيادة تغاير الحرف الزائد ، فلو لم يقصد معنى مستقل لما غاير بين الحرفين وقال المبرد : " " هي متعلقة بمصدر مقدر من الفعل كأنه قال : وإيمانه [ ص: 75 ] للمؤمنين " . وقيل : يقال : آمنت لك بمعنى صدقتك ، ومنه وما أنت بمؤمن لنا وعندي أن هذه اللام في ضمنها " ما " فالمعنى : ويصدق للمؤمنين بما يخبرونه به . وقال أبو البقاء : " واللام في للمؤمنين زائدة دخلت لتفرق بين " يؤمن " بمعنى يصدق ، وبين يؤمن بمعنى يثبت الإيمان " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية