الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (54) قوله تعالى : لافتدت به : " افتدى " يجوز أن يكون متعديا وأن يكون قاصرا ، فإذا كان مطاوعا لـ " فدى " كان قاصرا تقول : فديته فافتدى ، ويكون بمعنى فدى فيتعدى لواحد . والفعل هنا يحتمل الوجهين : فإن جعلناه متعديا فمفعوله محذوف تقديره : لافتدت به نفسها ، وهو في المجاز كقوله : كل نفس تجادل عن نفسها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وأسروا قيل : " أسر " من الأضداد ، يستعمل بمعنى أظهر ، كقول الفرزدق :


                                                                                                                                                                                                                                      2599 - ولما رأى الحجاج جرد سيفه أسر الحروري الذي كان أضمرا



                                                                                                                                                                                                                                      وقول الآخر :


                                                                                                                                                                                                                                      2600 - فأسررت الندامة يوم نادى     برد جمال غاضرة المنادي



                                                                                                                                                                                                                                      ويستعمل بمعنى : " أخفى " وهو المشهور في اللغة كقوله : يعلم ما تسرون وما تعلنون وهو في الآية يحتمل الوجهين . وقيل : إنه ماض على بابه قد وقع . وقيل : بل هو بمعنى المستقبل . وقد أبعد بعضهم فقال : " أسروا الندامة " أي : بدت بالندامة أسرة وجوههم أي : تكاسير جباههم .

                                                                                                                                                                                                                                      و لما رأوا يجوز أن تكون حرفا ، وجوابها محذوف لدلالة ما تقدم [ ص: 222 ] عليه ، وهو المتقدم عند من يرى تقديم جواب الشرط جائزا . ويجوز أن تكون بمعنى حين والناصب لها " أسروا " . وقوله : " ظلمت " في محل جر صفة لـ " نفس " أي : لكل نفس ظالمة . و ما في الأرض اسم أن ، و " لكل " هو الخبر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وقضي يجوز أن يكون مستأنفا ، وهو الظاهر ، ويجوز أن يكون معطوفا على " رأوا " فيكون داخلا في حيز " لما " والضمير في " بينهم " يعود على " كل نفس " في المعنى . وقال الزمخشري : " بين الظالمين والمظلومين ، دل على ذلك ذكر الظلم " وقال بعضهم : إنه يعود على الرؤساء والأتباع . و " بالقسط " يجوز أن تكون الباء للمصاحبة ، وأن تكون للآلة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية