الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (24) قوله تعالى : إن كان آباؤكم : " آباؤكم " - وما عطف عليه- اسم كان ، و " أحب " خبرها فهو منصوب . وكان المتفاصح الحجاج ابن يوسف يقرؤها بالرفع ، ولحنه يحيى بن يعمر فنفاه . قال الشيخ : " إنما لحنه باعتبار مخالفة القراء النقلة وإلا فهي جائزة في العربية ، يضمر في " كان " اسما ، وهو ضمير الشأن ويرفع ما بعدها على المبتدأ والخبر ، وحينئذ تكون الجملة خبرا عن " كان " . قلت : فيكون كقول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      2476 - إذا مت كان الناس صنفان شامت وآخر مثن بالذي كنت أصنع



                                                                                                                                                                                                                                      هذا في أحد تأويلي البيت . والآخر : أن " صنفان " خبر منصوب ، وجاء به على لغة بني الحرث ومن وافقهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 34 ] والحكاية التي أشار إليها الشيخ من تلحين يحيى للحجاج ، هي أن الحجاج كان يدعي فصاحة عظيمة ، فقال يوما ليحيى بن يعمر وكان يعظمه : هي تجدني ألحن ؟ ، فقال : الأمير أجل من ذلك ، فقال : عزمت عليك إلا ما أخبرتني وكان يعظمون عزائم الأمراء . فقال : نعم . فقال : في أي شيء ؟ ، فقال : في القرآن . فقال : ويلك!! ذلك أقبح بي . في أي آية ؟ ، قال : سمعتك تقرأ : قل إن كان آباؤكم ، إلى أن انتهيت إلى " أحب " فرفعتها . فقال : إذن لا تسمعني ألحن بعدها ، فنفاه إلى خراسان ، فمكث بها مدة ، وكان بها حينئذ يزيد بن المهلب بن أبي صفرة ، فجاءهم جيش ، فكتب إلى الحجاج كتابا وفيه : " وقد جاءنا العدو فتركناهم بالحضيض ، وصعدنا عرعرة الجبل " . فقال الحجاج : ما لابن المهلب ولهذا الكلام ؟ ، فقيل له : إن يحيى هناك . فقال : إذن ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الجمهور : " عشيرتكم " بالإفراد ، وأبو بكر عن عاصم : " عشيراتكم " جمع سلامة . ووجه الجمع ، أن لكل من المخاطبين عشيرة فحسن الجمع . وزعم الأخفش أن " عشيرة " لا تجمع بالألف والتاء إنما تجمع تكسيرا على عشائر . وهذه القراءة حجة عليه ، وهي قراءة أبي عبد الرحمن السلمي ، وأبي رجاء . وقرأ الحسن " عشائركم " قيل : وهي أكثر من عشيراتكم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 35 ] والعشيرة : هي الأهل الأدنون . وقيل : هم أهل الرجل الذين يتكثر بهم أي : يصيرون له بمنزلة العدد الكامل ، وذلك أن العشيرة هي العدد الكامل ، فصارت العشيرة اسما لأقارب الرجل الذي يتكثر بهم ، سواء بلغوا العشرة أم فوقها . وقيل : هي الجماعة المجتمعة بنسب أو عقد أو وداد كعقد العشرة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية