الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (105) قوله تعالى : وأن أقم : يجوز أن يكون على إضمار فعل أي : وأوحي إلي أن أقم . ثم لك في " أن " وجهان ، أحدهما : أن تكون تفسيرية لتلك الجملة المقدرة ، كذا قاله الشيخ وفيه نظر ، إذ المفسر لا يجوز حذفه ، وقد رد هو بذلك في موضع غير هذا . والثاني : أن تكون المصدرية فتكون هي وما في حيزها في محل رفع بذلك الفعل المقدر . ويحتمل أن تكون " أن " مصدرية فقط ، وهي على هذا معمولة لقوله : " أمرت " مراعى فيها معنى الكلام ، لأن قوله : " أن أكون " كون من أكوان المؤمنين ، ووصل " أن " بصيغة الأمر جائز ، وقد تقدم تحرير ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري : " فإن قلت : عطف قوله : " وأن أقم " على " أن أكون " فيه إشكال ؛ لأن " أن " لا تخلو : إما أن تكون التي للعبارة ، أو التي تكون مع الفعل في تأويل المصدر ، فلا يصح أن تكون التي للعبارة وإن كان الأمر مما يتضمن معنى القول ؛ لأن عطفها على الموصولة يأبى ذلك ، والقول بكونها موصولة مثل الأولى لا يساعد عليه لفظ الأمر وهو " أقم " ؛ لأن الصلة [ ص: 275 ] حقها أن تكون جملة تحتمل الصدق والكذب . قلت : قد سوغ سيبويه أن توصل " أن " بالأمر والنهي ، وشبه ذلك بقولهم : " أنت الذي تفعل " على الخطاب لأن الغرض وصلها بما تكون معه في تأويل المصدر ، والأمر والنهي دالان على المصدر دلالة غيرهما من الأفعال " . قلت : قد قدمت الإشكال في ذلك وهو أنه إذا قدرت بالمصدر فاتت الدلالة على الأمر والنهي .

                                                                                                                                                                                                                                      ورجح الشيخ كونها مصدرية على إضمار فعل كما تقدم تقريره قال : " ليزول قلق العطف لوجود الكاف ، إذ لو كان " وأن أقم " عطفا على " أن أكون " لكان التركيب " وجهي " بياء المتكلم ، ومراعاة المعنى فيه ضعف ، وإضمار الفعل أكثر " .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : حنيفا يجوز أن يكون حالا من " الذين " ، وأن يكون حالا من فاعل " أقم " أو مفعوله .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية